181

============================================================

ومنهم من يتقرب بالطاعة عند أهل اهدى والضلال، ليقيم وجهه عند أهل الحق وأهل الباطل.

يلقى هؤلاء بما يحبون، وهؤلاء بما يحبون - وهذا شر الفرق من أهل الرياء والتصنع - ليتقرب إلى أهل كل طبقة بما ينفق عندهم (1).

ومنهم من لو جعل له مفروح (2) ما قوى أن ينتقل مما قد ألفه وعرف به من الزي في دينه ، فمن يلبس منهم الصوف والثياب الخشنة الدون، لو قيل: تلبس المروية أو اللينة الجيدة أو الرقاق، لكان عنده قريبا من الذبح، كراهية أن يقول الناس فتر عن طريقه، وركن إلى الدنيا بعد تقشفه .

ولو قيل لأهل الطبقة الوسطى ممن يلبس الأوسط من المروي ، أن يلبس الثياب ال الرقاق الجيدة، والأكسية الرقاق الجيدة، والأكسية الرقاق المرتفعة، أو الكتان الرقيق، لكان عنده قريبا من الذبح، اكراهية أن يقال ركن إلى الدنيا ورغب فيها و كذلك لو قيل لأهل هذه الطبقة، أن تلبس الصوف والثياب المخرقة الوسخة شق ذلك عليه، كراهية أن يحقره أهل الدنيا ، وينظروا إليه بالازدراء، يريد الا حقر، ويريد أن يحمد على زي الصالحين، ولا يقوى أن يغير ذلك الزي إلى ما هو أرفع منه ، كراهة أن يظن به رغبة، في الدنيا .

و كذلك أهل الرياء بالثياب الحجياد المرتفعة ، فلو قيل لهم انتقلوا (2) إلى الصوف والخخشن من اللباس لما فعلوا ، لئلا يكسدوا (4) عند الملوك وعند السلطان والقضاة وأهل الغنى (5).

(1) وهي صنيعة بني إسرائيل حينما قرب خراب هيكلهم.

(2) آي : طريقا يفرح به لما ينال من حمد الناس وثنائهم (3) في ط: أن ينتقلوا.

(4) يكسدوا : يبوروا ولا تروج بضاعتهم.

(5) في ط: الفناء

पृष्ठ 180