وسلم تسليما
ذكر الباب الثاني من كتاب الحلال والحرام لعبد الملك بن حبيب
ما جاء في الربا والتشديد فيه
पृष्ठ 45
قال عبد الملك بن حبيب في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون}. قال: حدثني مطرف بن عبد الله عن مالك بن أنس عن زيد بن أسلم قال: كان الرجل في الجاهلية يكون له حق على الرجل إلى أجل، فإذا جاء الأجل أتاه فقال له: تقضي أم تربي؟ فإن قضاه أخذ، وإلا زاد في الحق وأخر عنه في الأجل، فنهى الله عنه في الإسلام، فقال: {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون}.
وقال: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنت مؤمنين. فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون}.
قال: وحدثني المكفوف عن أيوب بن خوط عن قتادة قال: نزلت فيما بقي لهم من دين مما أربوا فيه في الجاهلية ألا يأخذوا إلا رؤوس أموالهم وما كانوا أربوا قبل ذلك وقضوه قبل إسلامهم فهو عنهم موضوع يعني؛ ليس على من قبضهما أن يرده.
पृष्ठ 46
قال: وحدثني المقرئ عن حيوة بن شريح عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أسلم على شيء فهو له)).
قال: وحدثني المكفوف عن أيوب بن حوط عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((كل ربا كان في الجاهلية فهو موضوع)). قال الحسن: "ومن باع في الإسلام بيعا أربأ فيه، فليس له إلا رأس ماله".
قال عبد الملك بن حبيب: وذلك إذا فات البيع، ولم يقدر على رده، ولم يعرف بيعه وفسخه، وما كان من ذلك قائما لم يفت، فليس فيه إلا الفسخ، كذلك قال مالك وأصحابه.
पृष्ठ 47
قال: وما كان في يديه ربا لا يقدر على رده، ولا يعرف بعينه، فليتصدق به عنه، وليخرجه من يديه.
قال: وحدثني المكفوف عن أيوب بن حوط عن قتادة قال: لما نزل تحريم الربا قالوا: قالوا إنما البيع مثل الربا، فأنزل الله: {قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون. يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم}
قال: وحدثني محمد بن سليم عن أبي أمية الثقفي عن يحيى بن أبي كثير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الربا من الكبائر)).
पृष्ठ 48
قال: وحدثني أسد بن موسى عن إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: ((لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب الربا وآكله ومطعمه وكاتبه وشاهده)).
قال: وحدثني أسد بن موسى عن محمد بن طلحة بن مصرف عن امرأة عربية عن ابن مسعود قال: آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهده إذا علموا به ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.
पृष्ठ 50
قال: وحدثني إسحاق بن صالح وأسد بن موسى عن ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة قال: قال علي بن أبي طالب: آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهده في الإثم سواء.
पृष्ठ 51
قال: وحدثني أسد بن موسى عن حماد بن سلمة عن عاصم عن الشعبي أنه كان يقول: إياكم وكثيرا من هذه الشهادات فإن الله تبارك وتعالى لعن قوما على لسان نبيهم صلى الله عليه وسلم بالشهادة.
قال: وحدثني ابن أبي سليم عن خالد العبدي عن الشعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أكل الربا فقد برئت منه ذمتي)).
قال: وحدثني أبو معاوية المدني عن شريك بن عبد الله بن سماك بن حرب عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما فشى في قوم الربا والزنا إلا أحلوا بأنفسهم عقاب الله)).
قال: وحدثني ابن أبي سليم عن أبي أمية الثقفي عن يحيى بن أبي كثير؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبرين وهو على بغلته فحادت. قال: ((حادت وحق لها أن تحيد، إن صاحبي هذين القبرين يعذبان؛ أما فلانة فإنها كانت تأكل لحم الناس وأما فلان فكان يربي في تجارته)).
पृष्ठ 52
قال: وحدثني أسد بن موسى وحماد بن مسلمة عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث عن ليلة أسري به، فكان فيما حدث: أنه أتى على آل فرعون حيث ينطلق بهم إلى النار يعرضون عليها غدوا وعشيا، فإذا رأوها قالوا: ربنا لا تقم الساعة، لما يرون من عذاب الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وإذا أنا برجال بطونهم مثل البيوت يقومون فيقعدون لبطونهم ولظهورهم، فيأتي عليهم آل فرعون فيركضونهم بأرجلهم ترديا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قلت من هؤلاء يا جبريل، فقال: هؤلاء أكلة الربا فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس})). قال: وحدثني الخزامي عن الواقدي عن عبد الله بن سلام قال: ((يؤذن يوم القيامة للبر والفاجر)).
पृष्ठ 53
[ .. ] (1) عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الدرهم من الربا أعظم عند الله من مائة فجرة)).
قال: وحدثني أسد بن موسى عن ابن لهيعة عن عطاء بن أبي مسلم عن عبد الله بن سلام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الدرهم يصيبه الرجل من الربا أعظم عند الله من مائة زنية يزنيها في الإسلام)).
पृष्ठ 54
قال: وحدثني ابن أبي سليم عن عبد القدوس بن حبيب الدمشقي عن ابن عباس نحوه.
قال: وحدثني معاذ بن الحكم عن مقاتل بن سليمان عن نافع عن ابن عمر مثله.
قال: وحدثني الطلحي عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن سلام قال: الربا سبعون حوبا وأدناه منزلة مثل اضطجاع الرجل مع أمه.
पृष्ठ 55
قال: وحدثني أسد بن موسى عن حماد عن محمد بن المنكدر عن عبد الله بن عمرو ابن العاص قال: الربا سبعون بابا أدناه كالذي ينكح أمه.
قال: وحدثني ابن المغيرة عن مسعر بن كدام عن القاسم بن عبد الرحمن قال: قال عمر بن الخطاب "لأن أكون أعلم أبواب الربا أحب إلي من أن يكون لي مثل مصرها وكورها".
قال: وحدثني أسد بن موسى عن عامر بن يساف عن الضحاك بن مزاحم قال: "من تاجر ليس بفقيه، إلا أكل الربا إن شاء أو أبى".
पृष्ठ 56
قال: وحدثني ابن أبي سليم عن مندل بن علي بن حازم عن أبي هريرة أنه قال: ((إذا لم يفقه الرجل التاجر أو يسأل ارتطم في الربا ثم ارتطم)).
قال: وحدثني طلق عن مسلمة بن علي عن عبد الرحمن بن يزيد عن مكحول عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((سيأتي على الناس زمان يأكلون فيه الربا كلهم، فالناجي منهم يومئذ كالذي يصيبه غباره))، قال أبو هريرة: الغيبة من غباره.
पृष्ठ 57
قال: وحدثني ابن أبي سليم عن حماد بن أبي سلمة قال: كان الشعبي يقول: ما أنال شيئا من العلم أقل علما مني بأبواب الربا، وقال: وحدثني أسد بن موسى عن المبارك بن فضالة عن الحسن قال: إن هاهنا أقواما أكلت الربا لو أدركتهم أقوام مضوا لنصبوا لهم الحرب.
قال: وحدثني مطرف بن عبد الله عن مالك بن أنس قال: وكان الحسن يقول: "إن استسقيت ماء فسقيته من بيت صراف فلا تشربه".
قال عبد الملك بن حبيب: لأن الغالب عليهم عمل الربا؛ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لعن الله آكل الربا وموكله)).
قال: وحدثني علي بن معبد عن فجة والسكن بن أبي كريمة، قالا: صلينا مع أبي زيد الإيادي في الجمعة، فلما خرجنا من المسجد مر بدار فاستسقى، فأوتي بقدح ماء، فقال: لمن هذا الدار؟ فقيل: لفلان الصيرفي، فرده، ولم يشرب منه.
पृष्ठ 58
قال عبد الملك: وسمعت أصبغ بن الفرج يكره أن يستظل بظل الصيرفي.
قال: وحدثني أسد بن موسى عن حماد بن سلمة عن أبي العالية قال: مررت بالكافة بسوق الصيارفة، فإذا بشيخ قد وقف عليهم، فقال: يا معشر الصيارفة أبشروا بالنار. فسألت عنه فقلت: من هذا؟ قالوا: عبد الله بن أبي أوفى صاحب النبي صلى الله عليه وسلم.
قال عبد الملك: هذا لأن الربا غالب عليهم، لا ينجون منه في تجارتهم، وقد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ((نهى عن التجارة بالصرف)).
पृष्ठ 59
الباب الثالث ذكر ما في الباب الثالث من الحلال والحرام في بيع
الذهب بالذهب والورق بالورق
قال عبد الملك بن حبيب: السنة في بيع الذهب بالذهب، والورق بالورق، وزنا بوزن ومثلا بمثل، يدا بيد، مضروبها بمضروبها، ومضروبها بمكسورها ومكسورها بمكسورها ومضروبها بمصوغها ومصوغها بمصوغها، لا يحل شيء من ذلك بعضه ببعض إلا وزنا بوزن مثلا بمثل ويدا بيد، لا يحل فيه الزيادة، ولا يقع فيه الأجل، بذلك قامت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه اجتمع أهل العلم.
قال: وحدثني مطرف بن عبد الله عن مالك بن أنس عن نافع عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها شيئا غائبا بناجز)).
पृष्ठ 60
قال: وحدثني عبد الله بن صالح عن الليث عن يحيى بن سعيد أن عبد الله بن أبي سلمة حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل السعدين على المقاسم يوم خيبر، فجعلا أسعار كل أربعة مثاقيل بثلاثة عينا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أربيتما فردا))، والسعدان؛ سعد بن مالك، وسعد بن عبادة. قال: وحدثني ابن أبي سليم عن إسماعيل بن مسلم عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الذهب بالذهب مثلا بمثل، فمن زاد أو استزاد فقد أربا، والورق بالورق مثلا بمثل، فمن زاد أو استزاد قد أربا)).
قال عبد الملك: وإن تبايعا رجلان ذهبا بذهب، أو ورقا بورق وزنا بوزن، فرجحت إحدى الكفتين، فأراد صاحبها أن يسلم ذلك لصحابه معروفا منه، فلا يحل ذلك.
पृष्ठ 61
قال: وحدثني عبد الله بن المغيرة عن سفيان الثوري عن محمد بن السائب عن أبي سلمة أن أبا بكر الصديق راطل أبا رافع خلخالين بدراهم، فوضع الخلخالين في كفة ووضع الدراهم في الكفة الأخرى، فرجحت الخلخالان شيئا يسيرا فقال أبو رافع: هو لك أنا أحله لك، فقال أبو بكر: إن أحللته لي، فإن الله لم يحلله لي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الذهب بالذهب وزنا بوزن، والورق بالورق وزنا بوزن، الزائد والمستزاد في النار))، ثم دعا أبو بكر المبرد فسجله حتى استوى ثم أخذ وأعطى.
قال عبد الملك: ومن عمل بذلك؛ فأراد أن يعطي للرجحان ثمنا من عين أو عرض، فلا يحل ذلك؛ لأنه يدخله الفضل بين الورقين، وقد حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: ولو اعتدلت الكفتان؛ إلا أن صاحب الحلي أراد أن يأخذ لصياغته ثمنا من صاحبه الذي راطله، مثل أن يكون صائغا، فيقول: أعطني قدر أجرة، فذلك لا يحل.
पृष्ठ 62
قلت: نعم لا يحل ذلك.
وقد حدثني أسد بن موسى عن نصر بن طريف بن نافع قال لعمر بن الخطاب: إني أصوغ الذهب فأبيعه بوزنه فآخذ لعملي أجرا، فنهاه عن ذلك، وقال: لا تبع إلا وزنا بوزن ولا تأخذ فضلا.
पृष्ठ 63
وحدثني مطرف بن عبد الله عن مالك بن أنس عن حميد بن قيس المكي عن مجاهد قال: كنت مع عبد الله بن عمر فجاء صائغ، فقال: يا أبا عبد الرحمن إني أصوغ الذهب، ثم أبيع الشيء من ذلك بأكثر من وزنه، فأستفضل من ذلك مثل عمل يدي، فنهاه عبد الله عن ذلك، فجعل الصائغ يردد عليه المسألة، وعبد الله ينهاه، حتى انتهى إلى باب المسجد، أو إلى دابته يريد أن يركبها، ثم قال عبد الله بن عمر: الدينار بالدينار، والدرهم بالدرهم، لا فضل بينهما، بهذا عهد نبينا صلى الله عليه وسلم إلينا، وعهدنا إليكم.
قال عبد الملك: ولا يحل أن يراطل الرجل دراهم بفضة على أن يصوغها له بثمن، وهو بمنزلة ما لو أخذها بوزنها، وأعطاه أجرة عمله.
وقد حدثني أسد بن موسى عن همام عن قتادة عن أبي رافع قال: بعت فضة في خلافة عمر وصغتها بأجرة، فأبطل عمر أجري.
قال عبد الملك: ولو باعه الفضة، ولم يذكر صياغتها، ثم بدا لهما بعد ما قبض كل واحد منهما الذي له، أن يدفعها إليه يصوغها له بأجر قبل أن يفترقا من مجلسهما ذلك، فلا يجوز ذلك أيضا، وإن كان بعد فرقتهما وصح ذلك بينهما، فلا بأس بذلك.
قال: ومن راطل رجلا خلخالين بوزنهما من الدراهم، أو بوزنهما من الفضة ثم وجد في الخلخالين كسرا أو عيبا في صياغتهما، فله أن يردهما كسلعة من السلع اشتراها فوجد بها عيبا.
पृष्ठ 64
قال: ومن راطل رجلا فضة مصوغة بدراهم، أو دراهم بفضة، ثم وجد في الدراهم درهما مردودا قبيح العين أو مكسورا، فأراد رده لم يكن له، وليس يشبه عيب الدرهم في مثل هذا، عيب الخلخالين إذا كانا مصوغين، فهما كسلعة من السلع اشتراها إلا أنه إنما يشتري بوزنه، وأما الدراهم فليست بسلعة تشترى، ولا يعتد في المراطلة بكتبها كما يعتد بصياغة الخلخالين، إلا أن يوجد في الدراهم درهم مغشوش قبيح الفضة، فضته أدنى من الفضة الأخرى من التي راطله فيها، فيرده وحده بوزنه من الفضة، ولا تنتقض المراطلة كلها لذلك، وهكذا سمعت من أرضى من أصحاب مالك.
قال: وسبيل الحلي كله، والآنية المصوغة في هذا، سبيل ما فسرت لك في الخلخالين، وسبيل الذهب في مثل ذلك، سبيل الورق.
पृष्ठ 65