وجاء فى تفسير تاج التراجم أن آمنة قالت: كنت نائمة ذات ليلة من الليالى، فقدم شخص ورفصنى، وقال: انهضى فقد حملت بخيرة خلق الدنيا، وعندما تلدينه سميه محمدا وأخفى أمره، فقالت آمنة: لم أخبر أحدا قط من قريش وكنت وحدى وكان عبد المطلب يطوف، وسمعت صوتا ففزعت فزعا شديد، وكان ذلك ليلة الإثنين، فرأيت أن طائرا جاء وقد مسح جناحه على قلبى، فانصرف عنى هذا الخوف، ونظرت فرأيت شرابا أبيضا فأخذته وشربت، فرأيت نورا صعد منى إلى السماء فرأيت نساء طول كل واحدة منهن شجرة نخل، فأحطن بى واشتد على الأمر، ورأيت ديباجا ممتدا بين السماء والأرض، وسمعت شخصا كان يقول لى: احفظى هذا من أعين الناس، ثم رأيت أناسا وقد وقفوا فى الهواء وفى أيديهم كئوس فضية، وكان الدم يتساقط منى كاللؤلؤ، وهو أجمل رائحة من المسك، وكنت أقول ليت عبد المطلب كان قد أتى، ثم قالت: رأيت طيورا كثيرة هبطت من الجو حتى امتلأ البيت ؛ مناقيرها من الزمرد وأجنحتها من الياقوت، وانفتحت عينى فى تلك الساعة، ورأيت الدنيا كلها، فرأيت علما وقد ثبت فى المشرق والمغرب وعلما على سطح الكعبة، وأخذنى الألم، فظننت أننى قدمت، ولم أكن أرى أحدا. فولدت محمدا (عليه السلام)، ورأيته وقد سجد ووضع جبهته على الأرض، وأشار بإصبع من يده اليمنى نحو السماء. ثم رأيت غمامة بيضاء تظهر فجأة وتلتف حولى، وأخذته من عينى، وسمعت مناديا يقول: اجعلى محمدا يطوف حول المشرق والمغرب والبحار ليعرفوه بصفته واسمه، وليعلموا لماذا سمى بالماحى، فلم يبق مشرك حيا فى زمانه، ثم فتحت هذه الغمامة فرأيته ملفوفا فى صوف أبيض وعليه حرير أبيض، وفى يده ثلاثة مفاتيح من اللؤلؤ، وكان شخص يقول: إن محمدا أخذ مفتاح النصر ومفتاح الرياح ومفتاح النبوة، ثم رأيت ثلاثة رجال والشمس تشرق من وجوههم، فجاء أحدهم وفى يده إبريق من فضة تتصاعد منه رائحة المسك، والآخر له طست من الزمرد الأخضر المربع، وفى كل زاوية منه لؤلؤة كبيرة، والثالث معه حرير ملفوف ففتحه وأخرج منه خاتما ينبهر الناظر منه، ثم غسلوا محمدا بهذا الماء سبع مرات، وختموا ما بين كتفيه بهذا الخاتم، ولفوه فى هذا الحرير، وبعد ذلك ضمه رجل منهم مدة إلى صدره، وقال فى أذنيه كلاما كثيرا، وقبله بين عينيه ودفعه إلى، قال ابن عباس: هذا الرجل كان رضوان الجنة، وقالت آمنة: مضوا ولم أرهم من بعد.
عاش المصطفى (صلى الله عليه وسلم) ثلاثة وستين عاما، كان مع أبيه عامان وأربعة عشر يوما 5 ومع أمه ثمانية أعوام، وبعد ذلك عاش مع عبد المطلب مدة ثم مع أبى طالب، ولما بلغ خمسة وعشرين عاما، تزوج خديجة وأنجب منها سبعة أبناء: ثلاثة أولاد وأربعة بنات، الأولادهم: قاسم وعبد الله وطاهر، والبنات: زينب وأم كلثوم ورقية وفاطمة، يقول أهل الشيعة: إن أم كلثوم ورقية كانا من الزوج الأول لخديجة ورباهما المصطفى (صلى الله عليه وسلم)، وكان له ولد آخر يسمى إبراهيم من مارية القبطية التى يقال: إن هرقل قيصر الروم أو المقوقس ملك الإسكندرية أرسلها إليه مع عبد وحمار يسمى يعفور لخدمة المصطفى (عليه السلام).
पृष्ठ 95