तारीख अल-बनक्ती
تأريخ البنكتي
قدم رجل عجوز من بغداد، وجلس على قارعة الطريق، ولما وصل القاآن سأله عن حاله قال: رجل هرم وضعيف وفقير وعندى عشر بنات، ولشدة فقرى لا أستطيع أن أزوجهن، فقال له: لماذا لم تطلب من الخليفة؟، قال: كلما طلبت صدقة من الخليفة أعطانى عشرة دنانير ذهبية، وهذا لا يفى بالنفقة، فأمر القاآن بإعطائه ألف كيس من الفضة، فقال: كيف أحمل مثل هذا الثقل؟، فأمر القاآن أن يعطوه حمارا وكل ما يسهل له الانتقال، فقال العجوز: الطريق بعيد وفيه بدو وأشرار، فكيف أصل بهذا المال إلى بلادى؟، فأمر عشرة رجال من الخرس المغولى بمصاحبته؛ ليوصلوه إلى بلده بذلك المال فى أمان، فتوفى هذا الرجل فى الطريق، فأخبروا القاآن بذلك، فأمرهم بحمل المال إلى بغداد، وأن يسلموه لأهله، وأن يقولوا: إنها صدقة القاآن؛ ليزوجوا البنات.
أحضر رجل قلنسوة، وأمر له وهو فى سكره بمائتى كيس من الذهب، وكتبوا منشورا وامتنعوا عن ختمه خوفا من أن يكون قد وهبه هذا المال وهو سكران، فوقع نظره فى اليوم التالى على هذا الرجل، فعرضوا المنشور (البراءة)، فأمر بأن يجعلوها ثلاثمائة، ولهذا السبب الذى جعلهم يترددون كانوا يضيفون كل يوم مائة حتى بلغ ستمائة، واستدعى فى هذا الوقت القادة والحراس وسأل، هل سيبقى أى شىء فى الدنيا أم لا؟، فقالوا جميعا: لا، فاتجه إلى يلواج، وقال: هذا الكلام خطأ؛ لأن الاسم الحسن، والذكرى الطيبة لهما البقاء، وقال للحراس: أرى أنكم الأعداء الحقيقيون لى؛ لأنكم لا تريدون أن تبقى لى ذكرى طيبة، وظنا منكم أنى أهب ما أهب فى سكرى، فأنتم تعرفون ما آمر به، وتحرمون منه المستحق، وما دام شخص أو شخصان منكم لا يهتمون بالآخرين جزاء أفعالهم، فلن يفيد من ذلك. وجملة القول أنهم أعطوا ذلك الشخص ستمائة كيس.
أحضر جماعة من الهند سنى فيل، فقال: ما هو ملتمسهم ومطلبهم؟، قالوا: ألف كيس ذهب، فأمر أن تعطى لهم، فاستنكر رجال البلاط ذلك، وذكروا: كيف يمكن دفع مثل هذا المال فى شىء حقير كهذا خاصة أنهم قدموا من بلاد العدو؟، فقال: ليس لى عدو، فأعطوهم حتى يمضوا.
كان من عادة القاآن أن يشتغل بالصيد ثلاثة أشهر فى الشتاء كل عام، ويجلس على كرسى خارج البلاط فى الأشهر التسعة الباقية بعد أن يفرغ من تناول الطعام، وكان يخرج كل ما فى الخزانة من أمتعة فى البيدر، ويهبها للمغول والمسلمين، وكانت كثيرة ويأمر أشداء الرجال أن يأخذوا أى متاع أرادوه بقدر ما كانوا يستطيعون، وذات يوم أمر واحدا من تلك الطائفة، فأخذ ربطة من الثياب الخاصة الفاخرة، وسقطت بعضها فى الطريق، فرجع حتى يأخذها، فقال: كيف تتأذى قدم إنسان من أجل ثوب؟! وأشار أن يأخذ مرة أخرى بقدر ما يستطيع.
पृष्ठ 426