الباب السادس
في أحكام النظر، وغائلته، وما يجني على صاحبه
قال الله تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (٣٠) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ﴾ الآية [النور/٣٠ ــ ٣١]، فلمَّا كان غضُّ البصر أصلًا لحفظ الفرج؛ بدأ بذكره، ولمَّا كان تحريمُه تحريمَ الوسائل، فيُباح للمصلحة الرَّاجحة، ويَحْرُمُ إذا خِيفَ منه الفسادُ، ولم يُعارضْه مصلحةٌ أرجحُ من تلك المفسدة؛ لم يأمر سبحانه بغَضِّه مطلقًا، بل أمر بالغضِّ منه، وأمَّا حفظ الفرج فواجبٌ بكلِّ حالٍ، لا يُباح إلا بحقِّه، فلذلك عمَّ الأمر بحفظه.
وقد جعل الله سبحانه العينَ مِرْآة القلب، فإذا غضَّ العبدُ بصرَه غضَّ القلبُ شهوتَه وإرادتَه، وإذا أطلق بصره أطلق القلبُ شهوتَه.
وفي الصحيح (^١): أنَّ الفضل بن عباس ﵄ كان رَدِيف رسول الله ﷺ يوم النحر من مُزْدَلِفَة إلى مِنًى، فمرَّت ظُعُنٌ يَجْرِيْن، فَطفِق الفضل ينظرُ إليهنَّ، فحوَّل رسول الله ﷺ رأْسَهُ إلى الشِّقِّ الآخر.
وهذا منعٌ وإنكارٌ بالفعل. فلو كان النظرُ جائزًا لأقرَّه عليه.
(^١) أخرجه مسلم (١٢١٨) من حديث جابر الطويل في حجة النبي ﷺ.