وذكر في "الكشاف" قوله تعالى (فأرسلَ فرعونُ في المدآئنِ حاشرينَ) قيل: إنه مات في تلك الليلة في كل بيت من بيوتهم ولد فاشتغلوا بموتاهم حتى خرج موسى بقومه، وروي أن الله أوحى لموسى، أن اجمع بني إسرائيل كل أربعة أبيات في بيت ثم يذبحوا جديا، واضربوا بدمها على أبوابكم فغني سآمر الملائكة أن لا يدخلوا بيتًا على بابه دم، وسآمرهم بقتل أبكار القبط، واخبزوا خبزًا فطيرًا؛ فإنه أسرع لكم، ثم أسر بعبادي وقيل: إن بني إسرائيل لما خرجوا من البحر قالوا لموسى ﵇ وذلك قوله تعالى: (... اجعلْ لنا إلهًا كما لهم آلهةٌ ...) وقصتهم مشهورة، ومن الجد المفحم قيل: إن رجلًا من اليهود قال يومًا لعلي بن أبي طالب ﵁: ما دفنتم نبيكم حتى قالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير، فقال له علي بن أبي طالب ﵁: انتم ما جفت أقدامكم من ماء البحر حتى قلتك لموسى (اجعلَ لنا إلهاَ كما لهمْ آلهةٌ)، انتهى والله أعلم.
[٧]
زليخا زوجة يوسف ﵇
كان اسمها راعيل، وكان اسم زوجها الأول قطفير، وكان على خزانة الريان ابن الوليد صاحب مصر، وهو الذي اشترى يوسف ﵇ من القافلة التي أخرجته من الجب، وجعله قطفير مثل ولده، ولم يكن له ولد، فأحبته زوجته.
ومما قيل في كتاب "معالم التنزيل" للإمام البغوي رحمه الله تعالى أ. هـ؟، في تفسير قوله تعالى: (ولقد هممت به وهم بها ...) . وقال ابن زيد: كان لملك مصر خزائن كثيرة، فسلمها ليوسف ﵇ ومات قطفير ثم تزوج يوسف زليخا، ولما دخل عليها قال لها: أليس هذا خيرًا مما كنت تريدين؟ فقالت له: أيها الصديق لا تلمني، فغني كنت امرأة حسناء وناعمة كما ترى في ملك ودنيا، وكان صاحبي لا يأتي النساء، وكنت كما جعلك الله في حسنك وهيئتك فغلبتني نفسي، ولما دخل عليها يوسف ﵇ وجدها عذراء فأصابها، فولدت له غلامين في بطنين أحدهما إفرائيم والآخر ميشا.
وذكر في كتاب "كشف الأسرار" ما معنى قوله تعالى: (ولقد همَّتْ بهِ وهمَّ بها) قيل: همت به حرامًا وهم بها حلالًا، وهمت به سفاحًا وهم بها نكاحًا، وقيل: همت به بالمضاجعة وهم بها بالمدافعة، وفيل: همت به شهوة وهم بها موعظة.
وذكر في "شرح الجوهرة": الفرق بين الهم والعزم، ويعرف أنه لا مؤاخذة على يوسف لأنه لم يقع منه إلا الأول لا الثاني. كذا قيل. والتحقيق أنه لم يقع منه ﵇ ولا غيرها. والآية عند أبي حاتم وغيره محمولة على الحذف والتقديم والتأخير والتقدير: (... لولا أن رأى برهان ربه ...) أي لولا رؤية البرهان لهم بها، ولكنه لم يهم لأنه رآه.
وذكر في "تأريخ ابن الوردي": أن مالك بن دعر اشترى يوسف ﵇ من إخوته بثمن بخس، قيل: عشرون درهمًا، وقيل: أربعون، وذكروا: أنه عبدهم وقد أبق فخافهم يوسف ﵇ ولم يذكر خاله لهم فسار به مالك إلى مصر وباعه إلى العزيز على خزائن الريان، فأحضره إلى زوجته زليخة ولم يكن لهما ولد فقال لزليخا: (... أكرمي مثواهُ ...) الآية.
فهوته زليخا وكتمت حبه ثم أظهرته وراودته عن نفسه فامتنع وهرب فلحقته وقبضته من قميصه فانقد، وألفيا سيدها لدى الباب. فلما رأته زليخا لطمت على وجهها وقالت: إن هذا يوسف قد راودني عن نفسي فأنكر يوسف، فهم العزيز بقتله وكان عنده طفل ابن شهرين، وهو ابن داية زليخا، فقال للعزيز لا تعجل (... إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين، وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين) . فنظر العزيز فإذا القميص قد من دبر، فظهرت براءة يوسف.
وبلغ زليخا أن نسوة من نساء الأكابر قد عبنها على فعلها، فأرسلت إليهن، وأحضرتهن وأعطت كل واحدة منهن سكينًا وأترجةً، وزينت يوسف وأخرجته عليهن، فلما رأينه دهشن به وهن يقطعن الأترج، فقطعن أيديهن، وتلوثت بالدماء ولم يشعرن، فقالت زليخا لهن (... فذلكنَّ الذي لمتنني فيهِ ...) وقيل: إن النساء خلون في يوسف ليعذلنه في زليخا فراودته كل واحدة منهن عن نفسها، فأبى ثم انصرفن، وما زالت زليخا تشكو يوسف إلى زوجها وتقول: إنه يقول للناس إني راودته عن نفسي، وقد فضحني بين الناس. فحبسه العزيز.
1 / 8