بنت النبي محمد صلى الله تعالى عليه وسلم ولدت سنة ثلاثة وثلاثين من مولده صلى الله تعالى عليه وسلم، وذلك بعد زينب، رضي الله تعالى عنها، بثلاث سني، وزوجها صلى الله تعالى ليه وسلم عتبة بن أبي لهب، وأقامت عنده إلى أن نزلت: (تبتْ بدا أبي لهبٍ) فقال أبو لهب لوالده عتبة: يهجوني محمد وابنته عندك؟ رأسي من رأسك حرامٌ إن لم تفارق ابنة محمد، ففارقها فزوجها صلى الله تعالى عليه وسلم لعثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه فهاجر بها إلى الحبشة وكانت بارعة الجمال، قيل: إن فتيانًا من الحبشة تعرضوا لها لينظروا إليها، ويبصروا جمالها، فأذاها ذلك، فدعت عليهم، فهلكوا جميعًا من يومهم، ولدت رقية لعثمان، رضي الله تعالى نه عبد الله وبه كنى، وعاش عبد اله ستة أعوام، ثم نقر ديك عينة فتورمت ومات في جمادى الأولى، سنة أربع بعد موت أمه بعامين، وصلى عليه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ولما عاد عثمان رضي الله تعالى عنه من الحبشة ومعه زوجته رقية قدم إلى مكة، ثم هاجر بها إلى المدينة ولما خرج صلى الله تعالى عليه وسلم لغزوة بدرٍ سنة اثنتين كانت رقية قد تمرضت بالحصبة، فتخلف عثمان ﵁ عن الجهاد بأمر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ليمرضها، فماتت قبل مجيء زيد بن حارثة تبشيرًا بقتلى بدر فهم في دفنها ووصل زي بالبشارة في السنة الثانية من الهجرة في رمضان، وذكر في البستان أن رقية ماتت بعد ما خرج صلى الله تعالى عليه وسلم إلى بدر، ولما عاد صلى الله تعالى عليه وسلم، وجدها ميتة فزوج عثمان أختها أم كلثوم رضي الله تعالى عنها.
[٣٩]
فاطمة الزهراء رضي الله تعالى عنها
بنت النبي محمد صلى الله تعالى عليه وسلم ولدت سنة إحدى وأربعين من مولده صلى الله تعالى عليه وسلم وصحح ابن عبد البر، وصاحب التبيين كونها اصغر من أم كلثوم، وكون أم كلثوم أصغر من رقية، وهي أفضل بناته وسيدة نساء العالمين، زوجها صلى الله تعالى عليه وسلم عليًا رضي الله تعالى عنه بعد وقعة أحدٍ، وقيل: بعد أن ابتنى بعائشة رضي الله تعالى عنها بأربعة أشهر ونصف، وكان عمرها خمس عشرة سنة وخمسة اشهر ونصف، وسن علي ورضي الله عنه إحدى وعشرين سنة وخمس اشهر، وأصدقها درعه، وقيل: أربعمائة وثمانين درهمًا، فأمره [ﷺ] أن يجعل ثلثها في الطيب، فولدت له الحسن والحسين وأم كلثوم وزينب، ولم يتزوج غيرها علي، ﵁ حتى ماتت.
وذكر في بعض الكتب، يقال لفاطمة الزهراء: بتولة، أي منقطعة عن حب الدنيا، وقيل: عن الحيض أصلًا، كذا نقله كردي وذكر في شرح الجوهرة: صح من حديث ابن عباس ﵄: أفضل نساء الجنة: خديجة وفاطمة ومريم وآسية، وفي المعالم عن أنس ﵁ أن النبي ﷺ قال: "حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد وآسية امرأة فرعون".
وذكر في سيرة العراقي، قال الحافظ السيوطي في الخصائص: ذكر الإمام علم الدين العراقي، أن فاطمة رضي الله تعالى عنها وأخاها إبراهيم أفضل من الخلفاء الأربعة باتفاق، ونقل عن مالك، أنه قال: لا أفضل على بضعة رسول الله ﷺ ويعارض ما ذكره في شرح الجوهرة: أفضل الناس بعد الأنبياء أبو بكر ﵁ فهو الأفضل من فاطمة وأمها لا من حيث البضيعة، فيكون أفضل من مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم لأن فاطمة رضي الله تعالى عنها أفضل منهما ومن الخضر وإسكندر على القول بولايتهما لا على القول بنبؤتهما وهو الحق.
وذكر في شرح ذات الشفاء عن الشعبي عن مسروق عن عائشة ﵂ عن فاطمة ﵂ قالت: أسر إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال: "إن جبرائيل كان يعارضني بالقرآن كل سنة مرة، وإنه العام عارضني مرتين ولا أدري إلا أنه قد حضر جلي وأنك أول هل بيتي لحوقًا بي، ونعم السلف أنا لك"، قالت: فبكيت، فقال: ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الأمة، أو نساء العالمين، فضحكت.
وعن عائشة رضي الله تعالى عنها: ما رأيت أحدًا كان أشبه برسول الله كلامًا وحديثًا من فاطمة رضي الله تعالى عنها وكانت إذا دخلت عليه قام إليها وقبلها، ورحب بها كما كانت تصنع هي به.
1 / 58