وتبناه رسول الله ﷺ وكان يقال له، حبُّ رسول لله لقوله ﷺ "أحب الناسِ إليَّ من أنعمَ اله عليهِ وأنعمتُ عليه" يعني زيدًا، وزوجه أولًا رسول الله ﷺ أمته أم أيمن فولدت أسامة، ولما توفيت أم أيمن زوجه ﷺ بزينب بنت عمته، وروى أنس: أن رسول الله ﷺ قال لزيد: اذكرها علي، قال: فذهب إليها فجعلت ظهري إلى الباب، فقلت: يا زينب أبشري إن رسول الله [أرسل] يذكرك، فقالت: ما أنا بصانعة شيئًا حتى أوامر ربي، فقامت إلى مسجدها، ونزل القرآن "فلمّا قضى زيدٌ منها وطرًا زوجناكها". وفي "المعالم": أن النبي ﷺ كان قد اشترى زيدًا وأعتقه وتبناه، ولما خطب له زينب ظنت أنه خطبها لنفسه، فلما علمت [أنه يخطبها] لزيد أبت، وقالت: أنا ابنة عمتك يا رسول اله فلا أرضاه لنفسي، وكانت بيضاء جميلة، فيها حدة وكبرة، وكذلك [كره] أخوها عبد الله، فأنزل الله تعالى قوله: (وما كان مؤمنٍ) يعني عبد الله بن جحش، (ولا مؤمنةٍ) يعني زينب، (إذا قضى الله ورسوله أمرًا) وهو نكاح زيدٌ، (أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) فلما سمعا ذلك رضيا، وجعلت أمرها بيد رسول الله فأنكحها زيدًا، وساق رسول الله مهرها عشرة دنانير وستين درهمًا، وخمارًا، ودرعًا، وإزارًا، وملحفةً، وخمسين مدًا من طعام، وثلاثين صاعًا من تمر، ودخل عليها منها شيء، قال: لا والله يا رسول الله، وما رأت منها إلا خيرًا، ولكنها تتعظم علي لشرفها، وتؤذيني بلسانها، فقال له رسول الله، أمسك عليك زوجك، واتق الله، ثم طلقها زيدٌ فنزل جبرائيل بقوله تعالى: (وإذْ تقولُ للذي أنعم اللهُ عليهِ) بالإسلام، و(أنعمتَ عليهِ) بالعتق (أمسكْ عليك زوجكَ واتقِ الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه) إلى (فلما قضى زيد منها وطرًا زوجناكهما) فتزوجها ﷺ سنة خمس وأولم عليها بشاةٍ، وقال انس ﵁ كانت زينب تفخر على زوجات النبي ﷺ تقول: زوجكن أهاليكن وزوجني الله من فوق سبعه سماوتٍ، وقال أيضًا: ما أولم على امرأة من نسائه ما أولم على زينب، أطعمهم خبزًا ولحمًا حتى تركوه، وقالت عائشة ﵂: كانت زينب هي التي تساميني من أزواج النبي، فعصمها الله بالورع ولم أر امرأة أكثر خيرًا، وصدقة، وأوصل رحمًا، وأبذل نفسًا، في كل شي تتقرب إلى اله تعالى، من زينب ويروي: أن النبي ﷺ قال لعمر ﵁ "إن زينب أواهةٌ" فقال رجلٌ: ما الأواه يا رسول الله؟ فقال: "الخاشع المتضرع" وقالت عائشة رذي الله عنها: قال ﷺ يومًا لنسائه: "أسرعكن لحاقًا بي أطولكن يدًا" قالت: فكنا نتطاول بعده في الحائط، حتى توفيت زينب ﵂، ولم تكن أطول يدًا، فعرفنا أنه أراد بطول اليد الصدفة وكانت تعمل بيدها، أي الدبغ، وتتصدق، وعن برزة بنت رافع قالت: لما جاء العطاء بعث عمر، ﵁ إلى زينب بالذي لها، قالت: غفر الله لعمر غيري من أخواتي كان أقوى على قسم هذا مني، قالوا: هذا كله لك؟ قالت: سبحان الله، واستمرت دونه بثوبٍ، وقالت: صبوه واطرحوه عليه ثوبًا ففعلوا فقالت: ادخلي يدك واقبضي قبضة لآل فلان فقسمته حتى بقيت منه بقية، فقلت: غفر الله لك، ولقد كان لنا حظٌ في هذا المال، قالت: فلكم ما تحت الثوب فعرفناه فوجدناه خمس وثمانين درهمًا ثم رفعت يدها فقالت: اللهم لا يدركني عطاء لعمر بعد عامي هذا، فماتت في عامها، ولما تزوج ﷺ بزينب، قال المنافقون: تزوج محمد زوجة ابنه، فأنزل الله قوله تعالى: (ما كان محمدٌ أبا أحدٍ من رجالكم) وقيل: قوله تعالى: (ادعوهمْ لآبائهم..) فكان يقولون زيد بن حارقة، كذا في السيرة وقال النووي: أجع أهل السير على أن زينب أول من مات من نسائه، ﷺ وقيل: إن سودة ماتت قبلها وذكر في الكتاب "الدر المكنون": كانت تفخر على نساء النبي ﷺ تقول: أنا خيرهن منكحًا، وأكرمهن سفيرًا، زوجني الله من فوق سبع سماوات وكان السفير بذلك جبرائيل، وأنا ابنة عمة النبي ﷺ وليس من نسائه قريبة غيري، وذكر الفقيه أبو الليث في كتابه "البستان" إن زينب بنت جحش كانت امرأة [زيد] ابن حارثة ويقال لها: أم المساكين لسخاوتها، وهي أول
1 / 52