مغافير: صمغ العوسج، له رائحة كريهة، وحرم [على نفسه] ﷺ العسل، فأنزل الله تعالى عليه: (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك) وذكر في "شرح ذات الشفا" أنه ﷺ شرب عسلًا عند زينب بنت جحش، فغارت حفصة وعائشة، وقالتا له: أكلت مغافير؟ وفي "المعالم": كان ﷺ يقسط بين نسائه. فلما كان يوم حفصة ﵂ استأذنت في زيارة أبيها فأذن لها. فلما خرجت دعا ﷺ جاريته مارية وأدخلها بيت حفصة وواقعها، فعادت حفصة ووجدت الباب مغلقًا فجلست تبكي، فخرج ﷺ فقال لها: ما يبكيك؟ قالت: إنما أذنت لي من أجل هذا، أدخلت أمتك بيتي ثم واقعتها في يومي على فراشي! فقال لها: "اسكتي فهي علي حرام فلا تخبري بهذا امرأة منهن" فلما خرج ﷺ أخبرت حفصة عائشة ﵂ أنه ﷺ حرم على نفسه مارية، وذلك قوله تعالى: (وغذ اسر النبي إلى بعض أزواجه) إلى قوله تعالى: (.. أظهره الله) فعند ذلك طلق حفصة ﵂ فلما بلغ عمر ﵁ قال: لو كان خيرًا في آل الخطاب ما طلقك رسول الله ﷺ فجاءه جبرائيل وأمره بمراجعتها، وذكر في "شرح ذات الشفاء": أن حفصة ﵂ لما عادت من عند أبيها أبصرت مارية في بيتها مع النبي ﷺ فلم تدخل حتى خرجت مارية ثم دخلت وقالت له: إني رأيت من كان معك في البيت، وغضبت وبكت وقالت: يا رسول الله في يومي وفي بيتي وعلى فراشي جئت إلي بشيء ما جئت به إلى أحد من أزواجك؟ ورأى الغيرة في وجهها، فقال: اسكتي فهي علي حرام، ابتغي بذلك رضاك، ثم أخبرها بخلافة أبيها بعد أبى بكر ﵁ واستكتمها ذلك، فأخبرت به عائشة ﵂ فقالت: أراحنا الله من مارية، وقصت عليها القصة. فغضب حين أطلعه الله على ذلك، ونزلت: (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك) وطلقها طلقة رجعية جبرائيل وأمره بمراجعتها، وقال: إنها صوامة قوامة، وإنها زوجتك في الجنة.
وقيل: إن سبب نزول الآية ما ذكره في "المعالم": حين حرم على نفسه العسل. وفي رواية: أن عمر، ﵁، لما سمع غضب النبي على حفصة وطلاقها حثا على رأسه التراب، وقال: ما يعبأ الله بعمر وابنته بعدها، فجاء جبرائيل من الغد، فقال: إن الله يأمرك أن تراجع حفصة رحمة لعمر، وقيل: إنه لم يطلقها ولكنه هم بطلاقها. وتوفيت حفصة، ﵂ في شعبان سنة خمس وأربعين بالمدينة، وعمرها ثلاث وستون سنة. وصلى عليها مروان بن الحكم، أمير المدينة يومئذ، وحمل سريرها، وحمله أبو هريرة، ودفنت بالمدينة، وقيل: توفيت سنة إحدى وأربعين لما بويع معاوية بالخلافة، والله أعلم.
[٢٩]
أم حبيبة ﵂
1 / 49