هذا والسيوف الإسلامية بين يديه - خلد الله سلطانه - قد فارقت الأغماد وحلفت أنها لا تقر إلا في الرؤوس، والأسئله قد أشرعت و آلت أنها لا تروي ظمأها إلا من دماء النفوس. والسهام قد التزمت أنها لا تتخذ - كنائنها إلا من النحور، ولا تتعوض عن حنايا القسي إلا بحنايا الأضالع أو لترفعها لا تحل إلا في الصدور. والدروع قد لزمت الأبطال قائلة: لا أفارق الأبدان حتى تتلا سورة الفتح المبين. والجياد حرمت وطييء الأرض [وقالت لفرسانها: لا أطأ إلا جثث القتلى، ورؤوس الملحدين. فلا ترى إلا بحرة من حديد، ولا تشاهد إلا مع أستة أو بوق سيوف تصيد الصيد. والسلطان قد أرهف ظباه ليستر بها في قلوب الجدى جمرة. وإلى أنه لا يورد سيوفه الطلى بيضة إلا ويصدرها حمرا، والإسلام كأنه بنيان مرصوص، ونبأ النصر على مسامع أهل الإيمان مقصوص. والنفوس قد أرخصت في سبيل الله، وإن كانت في الأمن غالية، وأرواح المشركين قد أعد لها الأزك الأسفل من النار، وأرواح المؤمنين في جنة عالية.
ولما كان بعد الظهر أقدم العدو - خذله الله - بعزائم كالسيوف الجداد، وجاء على قرب من مقدمنا، فكان هو والخذلان على موافاة، وجئنا ونحن والنصر على ميعاد. وأتي كقطع الليل المظلم، بهيم لا تكاد لولا دفع الله عن بزاتها حجم. معتقدا أن الله قد بسط يده في البلاد - ويأبى الله إلا أن يقبضها - متخيلا أن هذه الكرة مثل تلك - ويأبى الله إلا أن يخلف لهذه الأمة بالنصر ويعوضها - متوهمة أن جيشه الغالب، وعزمه القاهره متحققة أنه منصور، وكيف ذاك ومعنا الناصر؟!
والتقى الفريقان بعزائم لم يشبها في الحرب ول ولا تقصير، فكان جمعنا، ولله الحمد، جمع سلامة، وجمعهم جمع تكسير] وحمي الوطيس، وحمل في السبت الخميس على الخميس، ودارت رحا الحرب الزبون، وغنت السيوف فشرب الكماة كأس المنون.
पृष्ठ 45