- جـ -
وإلى هذا المشمول العجاب، ترجع أهمية هذا الكتاب، وإلى أن محاورة مؤلّفه ليست نظرية، وإنما هي ميدانية في مواجهة مذهب عرفه، وارتوى منه ثم نزع إلى السنة، ثم ثاقفه المتعصبة، فأبرزت لنا هذه المنازلة: هذا الكتاب «الروض الباسم» وأصله: «العواصم والقواصم» والظاهر أن جلّ مؤلفات هذا الحبر هي في هذا الميدان، مثل: «إيثار الحق على الخلق» -وهو مطبوع- وغيره.
لا جرم إذًا أن يسارع المصلحون إلى طبعه، وقد كان فضل السبق للشيخ محمد منير الدمشقي المتوفى سنة (١٣٦٧) -رحمه الله تعالى-؛ إذ طبعه عام (١٣٣٢١)، فحصلت الاستفادة منه، ورجوع أهل العلم إليه، ونقلهم منه، على مدى ما يقرب من مائة عام من تاريخ طبعه، ثم تتابعت طبعاته بعد -فجزا الله الجميع خير الجزاء وأوفاه-.
هذه إضاآت عن هذا الكتاب، وعن مؤلّفه، وعن نزوعه إلى السنة، وعن تعويل العلماء على كتابه.
وإن كتابًا بهذه المثابة لابد أن يكون أمام اهتمامات البصراء من أهل العلم وطلابه؛ لمتابعة طباعته وإخراجه.
وقد سمت همّة الشيخ الفاضل/ علي بن محمد عمران، إلى الإمساك بناصيته، والاعتناء بإخراجه على مجموعة نسخ خطية، فلما أحضره إليّ -تقبل الله منا ومنه- مطبوعًا في تجربته الأخيرة في نحو: (٦٠٠) صفحة، ومقدمة التحقيق في نحو: (١٠٠) صفحة، وكشافاته في نحو: (١٥٠) صفحة، الجميع نحو: (٨٥٠) صفحة، قرأت مقدمة التحقيق، وجملة من التعاليق، وفي مواضع من المتن، وفي فهارسه الكاشفة عن مخبآته، فتذكرت قول من مضى: «دلّ على عاقل حسن اختياره» وأضيف إليه: «ودلّ على عاقل حسن عمله وإتقانه» فقد جمع هذا الفاضل بين الحسنيين، وحاز الدّلالتين؛ إذ قد مشى في تحقيقه
المقدمة / 4