وكان يقال: العلم قائد والعمل سائق والنفس حرون «١» فإذا كان قائد بلا سائق بلدت، وإذا كان سائق بلا قائد عدلت يمينا وشمالا. وكان يقال: يغفر للجاهل سبعون ذنبا قبل أن يغفر للعالم واحد. وكتب رجل إلى أخ له: إنك قد أوتيت علما فلا تطفئنّ نور علمك بظلمة الذنوب فتبقى في الظلمة يوم يسعى أهل العلم بنور علمهم. وعن أبي حنيفة ﵁: إني لأدعو الله لحمّاد «٢» فأبدأ به قبل أبويّ. ودخل على الواثق معلّمه فبالغ في إكرامه وإجلاله، فقيل له في ذلك فقال: هو أوّل من فتق لساني بذكر الله تعالى، وأدناني من رحمة الله. وسئل الإسكندر: مالك تعظّم مؤدّبك أشدّ من تعظيمك لأبيك؟ فقال: أبي حطّني من السماء إلى الأرض، ومؤدّبي رفعني من الأرض إلى السماء. وقيل لبزرجمهر:
ما بالك تعظيمك لمعلّمك أشدّ من تعظيمك لأبيك؟ قال: لأن أبي سبب حياتي الفانية ومعلّمي سبب حياتي الباقية، فأنا من بحاره مغترف، ومن ثماره مخترف «٣» . قال النبي ﷺ: «النظر في وجوه العلماء عبادة» .
وسئل محمد بن جعفر الصادق ﵁ عن ذلك فقال: الذي إذا نظرت إليه ذكّرك أمور الآخرة، ومن كان على خلاف ذلك فالنظر إليه فتنة. قال أبو الدرداء «٤» ﵁: ويل لمن لا يعلم، مرة، وويل لمن يعلم ولا يعمل، سبع مرات. قال الخليل: زلّة العالم مضروب بها الطبل، وزلة الجاهل يخفيها الجهل.
1 / 41