किताब अल-रवाबिउ ली अफ्लातून
كتاب الروابيع لأفلاطون
शैलियों
قال أحمد: قد تقدم من قولى فى هذا الكتاب وفى غيره فى الجرم السيال ما فيه المقنع وأنبأت أنه قعر الطبيعة وأنه أشد الأجرام فى التشبث بالنفس وأن بغلبة اليبس أو تفاوت الرطوبة فارق النفس الجسد. فيقول الفيلسوف إنه ما كان من الأجرام العلوية قد غلب عليها اليبس فإنها لا تعين الطبيعة على فعلها؛ وما كان رطبا فإنه يعين جدا. وسأوضح ذلك للطالب ليقف عليه، ويصح عنده أن العلماء بأحكام النجوم قد اعتقد كل واحد منهم عن اختبار وامتحان أن بعض الكواكب المتحيرة سعد وبعضها نحس — من أن يعلم أكثرهم العلة فى ذلك. والسعد عندهم: المشترى والزهرة والقمر؛ والنحس: زحل والمريخ والشمس وبالحق ما اعتقدوا ذلك، إذ كان العالم دار الطبيعة وموضع التركيب؛ والسعد عند أهله ما أعانهم على فعلهم وقيض إليهم مرادهم؛ والنحس ما كان بخلاف ذلك، فخصوا الأجرام المخصوصة بالرطوبة إلى السعد، والأجرام اليابسة بالنحس، فوصلوا إلى معرفتها بالحقيقة بالتجربة والسماع وإن لم يقفوا على العلة. فهذا ما بان فى الكواكب المتحيرة وهى البينة التأثير. وسائر الفلك والأجرام فيه أيضا كذلك. ألا ترى أنه كان من منتهى رأى الأوائل فى البابانية أنهم نسبوها إلى مزاج السبعة؟ فأما البروج فليس أن تخص كما تخص السبعة، لأنه قد يقع فى البرج الواحد الدرج والكواكب المختلفة الطباع. فلذلك اضطر أصحاب الأحكام إلى وضع الحدود والوجوه والدرج النيرة والمظلمة وغير ذلك مما يدل على الاختلاف مما قد أخرجته فى كتبى فى هذا النوع على غاية الشرح. وقد أخرج بعض أصحاب الأحكام الشمس فى قسمة السعود، وذلك لعلة أنا مخبر بها إن شاء الله: إن الشمس لما كثر فيه الجوهر البسيط النير لم يصل إلى الأنفس منها من الأدنى ما يصل من زحل والمريخ لموافقة هذا الجوهر، أعنى به البسيط، للأنفس. لكنه مع ذلك كثيرا ما يحرم وينحس. وأكثر تأثيره فى فساد الطبيعة بالجذب وسائر النحوس بالاضمحلال والآثار المؤلمة. والشمس أيضا فلا يخلو من ذلك، إلا أنه يقل منه الأثر المؤلم؛ وعلى أن أكثر العلماء قد حكموا بنحوسته. وقد تكون الرفعة والجلالة فى أنباء النحوس وليس ذلك كتأثير السعود، بل أن تكون القادرة على الطبيعة، فتكون منها الآثار التى لا توافق الطباع، وإنما جلالها لاستمكانها. وإنما يحيط بعلم ذلك من قد أحاط بعلل الكون وعرف مجارى الكلام واستعارات الألفاظ عند الاضطرار وما يخرج من القول بالحقيقة أو المجاز.
قال أفلاطون: وما يجذبه العلو يجذبه منه المستولى عليه بقدر ما أمكن، ويرجع الباقى إلى السفل.
قال أحمد: إن الفلك لما كان قريبا من الطبيعة قبل منها النقى وغير النقى. فما قبله من النقى الخلو من الشوائب فإنه يجذبه منه البسيط، وما كان كدرا أو مركبا رده الفلك إلى المركز ليجر فى علته التدبير هناك ثم يجذبه أيضا إذا نقص من تركيبه وتصفى. كذلك يفعل دائبا حتى يعود الكل بالكون والدور كما كان بدءا. وكما يجذب الفلك يجذب منه، ويجذب أيضا من الجاذب حتى ينتهى الجذب إلى العقل.
قال أفلاطون: والإنسان أكرم الحيوان وأقربه إلى البسيط — إلى أن قال: وذلك من أجل 〈أن〉 العقل ضرب فسطاطه فى الجنس الحيوانى فى الإنسان فصار جنس الأجناس وصورة الصور.
قال أفلاطون: وسائر الحيوان فلا يصير إلى الأثير إلا بأجرام أخر.
قال أحمد: يعتقد أفلاطون أنه يصل الإنسان، الذى مذهبه العدل، إلى الجوهر النفيس العالى إذ قد شاكل الموضع بمذهبه وفعله، ويدفع أن يكون شىء من الحيوان ينفذ إلى ذلك دون حلولها فى أشياء تردها إلى التساوى.
قال أفلاطون: وذلك أن الإنسان مميز مشاكل، وسائر الحيوان بهيمى منافر.
पृष्ठ 214