रसाईल
رسائل الجاحظ: وهي رسائل منتقاة من كتب للجاحظ لم تنشر قبل الآن
शैलियों
أني قدمت مكة مع عمومة لي وناس من قومي، وكان في أنفسنا شراء عطر فأرشدنا إلى العباس بن عبد المطلب، فانتهينا إليه وهو جالس إلى زمزم، فبينا نحن عنده جلوس إذ أقبل رجل من باب الصفا وعليه ثوبان أبيضان وله وفرة إلى أنصاف أذنيه جعدة أشم أقنى أدعج العينين كث اللحية براق الثنايا أبيض تعلوه حمرة كأنه القمر ليلة البدر، وعلى يمينه غلام مراهق أو محتلم حسن الوجه، تقفوهما امرأة قد سترت محاسنها، حتى قصدوا نحو الحجر فاستلمه واستلمه الغلام ثم استلمته المرأة، ثم طاف بالبيت سبعا والغلام والمرأة يطوفان معه، ثم استقبل الحجر فقام ورفع يديه وكبر، وقام الغلام إلى جانبه وقامت المرأة خلفهما فرفعت يديها وكبرت، فأطال القنوت ثم ركع وركع الغلام والمرأة ثم رفع رأسه فأطال ورفع الغلام والمرأة معه يصنعان مثل ما يصنع. فلما رأينا شيئا ننكره ولا نعرفه بمكة أقبلنا على العباس فقلنا: يا أبا الفضل، إن هذا الدين ما كنا نعرفه فيكم؟ قال: أجل والله. قلنا: فمن هذا؟ قال: هذا ابن أخي، هذا محمد بن عبد الله، وهذا الغلام ابن أخي أيضا، هذا علي بن أبي طالب، وهذه المرأة زوجة محمد، هذه خديجة بنت خويلد، والله ما على وجه الأرض أحد يدين بهذا الدين إلا هؤلاء الثلاثة.
وعن عفيف بن قيس الكندي قال: كنت في الجاهلية عطارا، فقدمت مكة فنزلت على العباس بن عبد المطلب، فبينا أنا جالس عنده أنظر إلى الكعبة وقد تحلقت الشمس في السماء أقبل شاب كأن في وجهه القمر حتى رمى ببصره إلى السماء فنظر إلى الشمس ساعة، ثم أقبل حتى دنا من الكعبة فصف قدميه يصلي، فخرج على أثره فتى كأن وجهه صفيحة يمانية
3
فقام عن يمينه، فجاءت امرأة متلففة في ثيابها فقامت خلفهما، فأهوى الشاب راكعا فركعا معه، ثم أهوى إلى الأرض ساجدا فسجدا معه، فقلت للعباس: يا أبا الفضل، أمر عظيم! فقال: أمر والله عظيم! أتدري من هذا الشاب؟ قلت: لا. قال: هذا ابن أخي، هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، أتدري من هذا الفتى؟ قلت: لا. قال: هذا ابن أخي، هذا علي بن أبي طالب بن عبد المطلب، أتدري من المرأة؟ قلت: لا. قال: هذه ابنة خويلد بن أسد بن عبد العزى، هذه خديجة زوج محمد هذا، وإن محمدا هذا يذكر أن إلهه إله السماء والأرض أمره بهذا الدين، فهو عليه كما ترى، ويزعم أنه نبي وقد صدقه على قوله علي ابن عمه هذا الفتى وزوجته خديجة هذه المرأة، والله ما أعلم على وجه الأرض كلها أحدا على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة. قال عفيف: فقلت له: فما تقولون أنتم؟ قال: ننتظر الشيخ ما يصنع - يعني أبا طالب أخاه.
وعن معقل بن يسار قال: كنت أوصل النبي
صلى الله عليه وسلم ، فقال لي: هل لك أن تعود فاطمة؟ قلت: نعم يا رسول الله. فقام يمشي متوكئا (علي) وقال: أما إنه سيحمل ثقلها غيرك ويكون أجرها لك. قال: فوالله لكأنه لم يكن علي من ثقل النبي
صلى الله عليه وسلم
شيء، فدخلنا على فاطمة فقال لها عليه الصلاة والسلام: كيف تجدينك؟ قالت: لقد طال أسفي واشتد حزني، وقال لي النساء: زوجك أبوك فقيرا لا مال له! فقال لها: أما ترضين أني زوجتك أقدم أمتي سلما وأكثرهم علما وأفضلهم حلما؟ قالت: بلى، رضيت يا رسول الله.
وعن جعفر بن محمد عن آبائه أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم
अज्ञात पृष्ठ