بلادنا جميلة، ولكن حظها قليل.
بلادنا مخلصة ولكنها محبة غير محبوبة ...
يغمزونها فتلبي، أما هي فتدعو، بل وتستغيث وما من مجيب.
بقعتنا تعيش في الظلام، وهي مقطوعة عن العالم كأنها ليست من الجمهورية.
لا يشعر الآخرون بوجودها إلا حين يريدون إثبات وجودهم ...
تقول لي يا أخي: «وما أحلاك حين تكلمت بلغة بلادنا: قرأت حبرا على ورق في المجالس. يا ترى الطينة ما بدها تعلق ولا مرة؟ رجاع تا نرجع عا بلادنا نترنم بدق المجوز، ونقعد حد مواقدنا بالشتي عا ضو سراج زيت الحلو، وبالصيف بعرزالنا المعمول من ورق غار وادي الهامي، ونقضي ما تبقى من العمر مثل ما عملوا جدودنا، ونشرب من مياه بيارتنا، واللي قاعدين عا ضو الليل مثل النهار، والمياه تتدفق بدورهم وحماماتهم - وتلقونهم حد مخدتهم - ما هم أحسن منا، شفناهم وشفنا أعمالهم.»
ذكرتني دعوتك إياي للرجوع بالخوري يوحنا طنوس حين جاء للسلام على أحد المطارين، وكان هذا المطران قد اختل عقله قليلا يوما ثم شفي، فقال له ذاك الأسقف: «أنت الخوري حنا طنوس؟ بعدك مشتول؟» فأجابه الخوري حنا: «أنا جايي تا أسألك يا سيدنا.»
فيا أخي الدكتور الحبيب، أنا ما زلت في عين كفاع أعيش كما ذكرت، فليتك أنت تفعل كما قلت ونراك بيننا في هذا الصيف، إن بلادنا تركتها رجالها.
يهجرونها شبابا ليعودوا إليها على الأعواد أمواتا يستريحون في ترابها الطاهر كرفيقنا وحبيبنا الدكتور فرحات، الذي أوحى إليك مأتمه هذه الرسالة النفيسة.
إننا نحتاج إلى مطالبة جدية إذا أردنا لبقعتنا عمرانا. أما الحبر على ورق فمثله معروف مشهور ...
अज्ञात पृष्ठ