============================================================
2 - رسائل في التوحيد
فقد تفينا بقولنا : "سبحان الله" كل عيب عقلناه وكل نقص فهمناه ، وأثبتنا ب "الحمذ لله" كل كمال عرفناه ، وكل جلال أدركناه ؛ ووراء ما تفيناه وأثبتناه شأن عظيم قد غاب عنا وجهلناه، فنحققه من جهة الإجمال بقولنا : "الله أثبر" وهي الكلمة الثالثة ، بمعنى أنه أجل مما نفيناه وأثبتناه، وذلك معنى قوله : "لا أحصي ثناء عليك ، أنت كتما أثنيت على نفسك"(1)، فما كان من أسمائه متضمنا لمذح فوق ما عرفناه وأدركناه ، كالأعلى والمتعالي(2)، فهو مندرج تحت قولنا : " الله أكبر" فإذا كان في الوجود من هذا شأنه نفينا أن يكون في الوجود من يشاكله أو يناظره، فحققنا ذلك بقولنا : "لا إله إلا الله " وهي الكلمة الرابعة؛ فإن الألوهية ترجع إلى استحقاق العبودية، ولا يستحق العبودية إلا من اتصف بجميع ما ذكرناه، فما كان من أسمائه متضمنا للجميع على الإجمال، كالواحد والأحد وذي الجلال والاكرام، فهو مندرج تحت قولنا : "لا إله إلا الله" وانما استحق العبودية لما وجب له من أوصاف الجلال ونعوت الكمال(2) الذي (1) روى مسلم (486) في الصلاة: باب ما يقال في الركوع والسجود، وغيره، عن عائشة، قالت : فقدت رسول الله ليلة من الفراش، فالتمسته، فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد، وهما منصوبتان، وهو يقول: "اللهم، أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك ، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما اثنيت على نفيك".
(2)ع: "المتعال".
(3) قال الإمام العز رحمه الله في كتابه الفذ ( الإمام في بيان ادلة الأحكام) : " كلمة التوحيد تدل على التكليف بالواجب والحرام، إذ معناها : لا معبود بحق إلا الله
पृष्ठ 16