في الآية ما ذكرناه قال انها مخصوصة فيه، ومن قال: انها مخصوصة قال ان المراد بها الإمامة.
فإن قيل: دلوا على ان الولي يستعمل في اللغة بمعنى الاولى والأحق، ثم على ان المراد به في الآية ذلك، ثم بينوا توجهها الى أمير المؤمنين (عليه السلام).
قيل له: اما الذي يدل على ان الولي يستعمل في اللغة بمعنى الاولى استعمال أهل اللغة لأنهم يقولون في السلطان المالك للأمر: فلان ولي الأمر، وقال الكميت:
ونعم ولى الأمر بعد وليه
ومنتجع التقوى ونعم المؤدب
ويقولون: فلان ولي العهد، في من استخلف للأمر لأنه أولى بمقامه من غيره، وروى عن النبي (صلى الله عليه وآله): (أيما امرأة نكحت بغير اذن وليها فنكاحها باطل). وانما أراد به من يكون اولى بالعقد عليها، وقال الله تعالى:
(فهب لي من لدنك وليا يرثني» (1) يعنى من يكون اولى بحوز الميراث من بنى العم، وقال المبرد في كتابه المعروف بالعبارة عن صفات الله: ان أصل الولي هو الاولى والأحق وكذلك المولى، فجعل الثلاث عبارات بمعنى واحد، وشواهد ما ذكرناه كثيرة [في كتب الأدب و] اللغة.
فأما الذي يدل على ان المراد به في الآية ما ذكرناه هو ان الله تعالى [نفى] أن يكون لنا ولي غير الله وغير رسوله والذين آمنوا بلفظة (انما)، ولو كان المراد به الموالاة في الدين لما خص بها المذكورين لأن الموالاة في الدين عامة في المؤمنين كلهم قال الله تعالى «والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض» (2).
والذي يدل على أن لفظة «انما» تفيد التخصيص ان القائل إذا قال: انما لك عندي درهم، فهم منه نفي ما زاد عليه وجرى مجرى: ليس لك عندي إلا درهم، وكذلك إذا قالوا: إنما النحاة المدققون البصريون، فهم نفى التدقيق عن غيرهم، وكذلك إذا قالوا: انما السخاء (3) حاتم، فهم نفي السخاء عن غيره، وقد قال الأعشى:
पृष्ठ 130