قيل له: انما دخل (عليه السلام) في الشورى لأمور:
منها انه دخلها ليتمكن من إيراد النص عليه والاحتجاج بفضائله وسوابقه، وما يدل على انه أحق بالأمر وأولى، وقد علمنا انه لو لم يدخلها لم يجز منه أن يبتدئ بالاحتجاج، وليس هناك مقام احتجاج وبحث فجعل (عليه السلام) الدخول فيها ذريعة إلى التنبيه على الحق بحسب الإمكان، على ما وردت به الرواية، فإنها وردت بأنه (عليه السلام) عدد في ذلك اليوم جميع فضائله ومناقبه أو أكثرها.
ومنها ان السبب في دخوله (عليه السلام) كان للتقية والاستصلاح لانه (عليه السلام) لما دعي إلى الدخول في الشورى أشفق من ان يمتنع فينسب [1] منه الامتناع إلى المظاهرة والمكاشفة، والى أن تأخره عن الدخول انما كان لاعتقاده انه صاحب الأمر دون من ضم اليه فحمله على الدخول ما حمله في الابتداء على إظهار الرضا والتسليم.
فان قيل: لو كان (عليه السلام) منصوصا (عليه السلام) [2] على ما تدعون لوجب أن يكون من دفعه عن مقامه مرتدا كافرا، وفي ذلك، إكفار الأمة بأجمعها، وذلك خروج عن الإسلام:
قيل له: الذي نقوله في ذلك: إن الناس لم يكونوا بأسرهم دافعين للنص وعاملين بخلافه مع علمهم الضروري به، وانما بادر قوم من الأنصار- لما قبض الرسول (عليه السلام)- الى طلب الإمامة واختلفت كلمة رؤسائهم واتصلت حالهم بجماعة من المهاجرين فقصدوا السقيفة عاملين على إزالة الأمر من مستحقه والاستبداد به، وكان الداعي لهم الى ذلك والحامل لهم عليه رغبتهم في عاجل الرئاسة والتمكن من الحل والعقد، وانضاف الى هذا الداعي ما كان في نفس جماعة منهم من الحسد لأمير المؤمنين (عليه السلام) والعداوة له لقتل من قتل من أقاربهم ولتقدمه واختصاصه بالفضائل الباهرة والمناقب الظاهرة التي لم يخل من اختص ببعضها من حسد وغبطة وقصد بعداوة وآنسهم بتمام ما حاولوه بعض الانس بتشاغل بنى هاشم وعكوفهم على تجهيز النبي (عليه السلام) فحضروا السقيفة ونازعوا في الأمر وقووا على الأمر وجرى ما هو مذكور.
पृष्ठ 126