ووقت حدوثه، وليس لأحد ان يقول ان ذلك أيضا قد علم في النص وان الذي أحدثه هشام بن الحكم ومن بعده ابن الراوندي وأبو عيسى الوراق، وذلك انه لو كان الأمر على ما ادعوه لوجب ان يحصل لنا العلم به كما حصل لنا العلم بسائر أرباب المذاهب ولو كان العلم حاصلا بذلك لما جاز ان يكلم من خالف في ذلك وادعى اتصاله بالنبي (عليه السلام) كما لا يحسن مكالمة من قال: إن قبل التحكيم قد كان قوم من الخوارج يذهبون مذاهبهم، وفي حسن مناظرتهم لنا دليل على الفرق بين الموضعين.
فان قيل: لو كان الأمر على ما ذكرتموه من النص لوجب أن يعلم ضرورة كما نعلم ان في الدنيا بصرة وغير ذلك من اخبار البلدان.
قيل له: ولو لم يكن النص صحيحا لوجب أن يعلم أنه لم يكن كما علم انه ليس بين بغداد والبصرة بلد أكبر منهما، وفي عدم العلم بذلك دليل على صحة النص.
على أن الصحيح من المذهب انه ليس يعلم شيء من مخبر الاخبار بالضرورة وانما يعلم الجميع بضرب من الاكتساب، وربما كان استدلالا وربما كان اكتسابا والعلم بالنص انما يعلم بالاستدلال وليس كذلك أخبار البلدان لأنها تعلم بالاكتساب فلأجل ذلك افترق الأمران.
فإن قيل: هب انكم لا تقولون العلم بمخبر الاخبار ضرورة، أليس تقولون ان هاهنا مخبرات كثيرة تعلم على وجه لا يختلج فيه الريب ولا الشكوك مثل العلم بوجوب الصلوات الخمس وفرض الصوم والحج والزكاة وما يجرى مجرى ذلك من الأمور المعلومة ولما لم يكن النص معلوما مثل ذلك دل على أنه لم يكن لانه لو كان لعلم كعلمه.
قيل له: لم يحصل العلم بالأمور التي ذكرتموها على الوجه الذي ذكرتموه لأجل أنها منصوص عليها فقط بل حصل العلم بها فان [1] النص وقع عليها بحضرة الجمهور الأعظم والسواد الأكبر وانضاف الى ذلك العمل بها ولم يدع داع الى كتمانها ولا صرف صارف عن نقلها بل الدواعي كانت متوفرة الى نشرها لأن
पृष्ठ 121