على التخيير كما صرح به جماعة منهم فما يدل عليه الأدلة لا يقولون به وما يقولون به لا يدل عليه الدليل لأنا نقول ما ذكرت من دلالتها على الوجوب العيني ظاهرا حق غير أن المتأخرين من الأصحاب أو أكثرهم لا جميع الأصحاب كما قيل معرضون عنه رأسا وربما ادعى بعضهم الاجماع على خلافه وإن كان دون اثبات الاجماع وحجيته على هذا الوجه خرط القتاد فانا بعد الاستقصاء التام والتتبع الصادق لم نقف على دليل صالح يدل على أن الوجوب المذكور تخييري ولا ادعاه مدع وانما مرجع حجتهم إلى دعوى الاجماع عليه فان تم فهو الحجة والا فلا وسنتلوا عليك من كلام السابقين من الأصحاب ما يدلك على فساد هذه الدعوى وتصريح بعضهم بان الوجوب متعين مطلقا ثم على تقدير القول بكون الوجوب تخييريا حاله الغيبة يمكن الجواب عن السؤال بان نقول إن الأدلة المذكورة انما دلت على الوجوب المطلق في الجملة الصالح لكونه عينيا وتخييريا وغيرهما من افراده وإن كان الفرد المتعين منها أظهر في الإرادة الا انه لا يمنع من إرادة غير حيث يدل عليه الدليل ولما أمكن حمل الوجوب على المتعين مع حضور الامام وما في معناه حمل عليه لأنه الفرد الاظهر ولما تعذر حمله عليه حال الغيبة بواسطة ما قيل من الاجماع المدعى على خلافه صرف إلى التخييري لأنه بعض افراده وربما استأنس بعض الأصحاب للوجوب التخييري بظاهر رواية زرارة وعبد الملك السابقين حيث قال زرارة حثنا أبو عبد الله عليه السلام في الجمعة وقوله عليه السلام مثلك يهلك ولم يصل فريضة فرضها الله عليه فان هذا الكلام يشعر بان الرجلين كانا متهاونين الجمعة مع أنهما من أجلاء الأصحاب وفقهاء أصحابه ولم يقع منه عليه السلام عليهما انكار شديد بل حثها على فعلها فدل ذلك على أن الوجوب ليس عينيا والا لأنكر عليها بتركها كمال الانكار نعم استفيد من حثه و
पृष्ठ 59