العامة، والعلماء دون الجهال. ومعلوم أن الحصر أقرب إلى ما ذكرناه.
ألا ترى أن علماء أهل كل نحلة وملة في العلوم والآداب، معروفون محصورون متميزون، وإذا كانت أقوال العلماء في كل مذهب مضبوطة، والإمام لا يكون إلا سيد العلماء وأوحدهم، فلا بد من دخوله في جملتهم، والقطع على أن قوله كقولهم.
وهل الطاعن على الطريقة التي ذكرناها بأنا لم نلق كل إمامي ولا عرفناه، إلا كالطاعن في إجماع النحويين واللغويين على ما أجمعوا عليه في لغاتهم وطرقهم، بأنا لم نلق كل نحوي ولغوي في الأقطار والأمصار، ويلزمنا الشك في قول زائد على ما عرفناه من أقوالهم المسطورة المشهورة.
فإن قيل: لم يبق إلا أن تدلوا على أن قول الإمام مع عدم تميزه وتعينه في جملة أقوال الشيعة الإمامية خاصة دون سائر الفرق، حتى تقع الثقة بما يجمعون عليه ويذهبون إليه، ولا ينفع أن يكون قوله موجودا في جملة أقوال الأمة، من غير أن يتعين لنا الفرقة التي قوله فيها ولا يخرج عنها.
قلنا: إذا دل الدليل القاهر على أن الحق في قول هذه الفرقة دون غيرها، فلا بد من أن يكون الإمام الذي نثق بأنه لا يفارق الحق ولا يعتمد سواه، مذهبه مذهب هذه الفرقة، إذ لا حق سواه.
وكما نعلم مع غيبته وتعذر تمييزه أن مذهبه مذهب أهل العلم والتوحيد، ثم مذهب أهل الإسلام من جملتهم، من حيث علمنا أن هذه المذاهب هي التي دل الدليل على صوابها وفساد ما عداها. فكذلك القول في الإمام.
وإذا فرضنا أن الإمام إمامي المذهب، علمنا بالطريق الذي تقدم في مذهب مخصوص، أن كل إمامي عليه، وزال الريب في ذلك. فقد بان أن إجماع الإمامية على قول أو مذهب لا يكون إلا حقا، لأنهم لا يجمعون إلا وقول الإمام
पृष्ठ 15