रसाइल इख्वान अल-सफा और खिलान अल-वफा

इख़्वान अल-सफ़ा d. 375 AH
77

रसाइल इख्वान अल-सफा और खिलान अल-वफा

رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء

शैलियों

(4) فصل في العلم والمعلوم والتعلم والتعليم وأوجه السؤال

وينبغي لطالبي العلم والباحثين عن حقائق الأشياء أن يعرفوا أولا ما العلم وما المعلوم، وعلى كم وجه يكون السؤال وما جواب كل سؤال حتى يدروا ما الذي يسألون وما الذي يجيبون إذا سئلوا؛ لأن الذي يسأل ولا يدري أي شيء سأل فإذا أجيب لا يدري بأي شيء أجيب.

واعلم يا أخي بأن العلم إنما هو صورة المعلوم في نفس العالم، وضده الجهل وهو عدم تلك الصورة من النفس، واعلم بأن أنفس العلماء علامة بالفعل وأنفس المتعلمين علامة بالقوة، وأن التعلم والتعليم ليسا شيئا سوى إخراج ما في القوة؛ يعني: الإمكان، إلى الفعل؛ يعني الوجود، فإذا نسب ذلك إلى العالم سمي تعليما ، وإن نسب إلى المتعلم سمي تعلما.

واعلم بأن السؤالات الفلسفية تسعة أنواع مثل تسعة آحاد: أولها هل هو؟ والثاني ما هو؟ والثالث كم هو؟ والرابع كيف هو؟ والخامس أي شيء هو؟ والسادس أين هو؟ والسابع متى هو؟ والثامن لم هو؟ والتاسع من هو؟ تفسيرها: هل هو سؤال يبحث عن وجدان شيء أو عن عدمه؟ والجواب نعم أو لا. وقد بينا معنى الوجود والعدم في رسالة العقل والمعقول، وما هو سؤال يبحث عن حقيقة الشيء وحقيقة الشيء تعرف بالحد أو بالرسم، ذلك أن الأشياء كلها نوعان مركب وبسيط، فالمركب مثل الجسم، والبسيط مثل الهيولى والصورة، وقد بينا معناهما في رسالة الهيولى.

والأشياء المركبة تعرف حقيقتها إذا عرفت الأشياء التي هي مركبة منها، مثال ذلك إذا قيل: ما حقيقة الطين؟ فقال: تراب وماء مختلطان، وهكذا إذا قيل: ما حقيقة السكنجبين؟ فيقال: خل وعسل ممزوجان، وعلى هذا القياس كل مركب إذا سئل عنه، فيحتاج أن يذكر الأشياء التي هو مركب منها وموصوف بها، والحكماء يسمون مثل هذا الوصف الحد، ومن أجل هذا قالوا في حد الجسم: إنه الشيء الطويل العريض العميق، فقولهم: الشيء إشارة إلى الهيولى، وقولهم: الطويل والعريض والعميق إشارة إلى الصورة؛ لأن حقيقة الجسم ليست بشيء غير هذه التي ذكرت في حده، وهكذا قولهم في حد الإنسان: إنه حي ناطق مائت، فقولهم: حي ناطق يعنون به النفس، ومائت يعنون به الجسد؛ لأن الإنسان هو جملة مجموعة منهما؛ أعني: جسدا جسمانيا ونفسا روحانية، وعلى هذا القياس تعرف حقائق الأشياء المركبة من شيء.

وأما الأشياء التي ليست مركبة من شيء بل مخترعة مبدعة كما شاء باريها وخالقها تعالى فحقيقتها تعرف من الصفات المختصة بها، مثال ذلك إذا قيل: ما حقيقة الهيولى؟ فيقال: جوهر بسيط قابل للصورة لا كيفية فيه البتة، وإذا قيل: ما الصورة؟ فيقال: هي التي يكون الشيء بها ما هو، فمثل هذا الوصف تسميه الحكماء الرسم، والفرق بين الحد والرسم أن الحد مأخوذ من الأشياء التي المحدود مركب منها - كما بينا - والرسم مأخوذ من الصفات المختصة بالرسوم.

وفرق آخر: أن الحد يخبرك عن جوهر الشيء المحدود ويميزه عما سواه، والرسم يميز لك المرسوم عما سواه حسب، فينبغي لك أيها الأخ البار الرحيم، أيدك الله وإيانا بروح منه، إذا سئلت عن حقيقة شيء من الأشياء أن لا تستعجل بالجواب بل تنظر هل ذلك الشيء المسئول عنه مركب أم بسيط حتى تجيب بحسب ذلك، وأما كم هو؟ فسؤال يبحث عن مقدار الشيء.

والأشياء ذوات المقادير نوعان متصل ومنفصل، فالمتصل خمسة أنواع: الخط والسطح والجسم والمكان والزمان، والمنفصل نوعان: العدد والحركة، وهذه الأشياء كلها يقال فيها: كم هو؟ وقد بينا ماهية العدد في رسالة الأرثماطيقي وماهية الحركة والزمان والمكان والجسم في رسالة الهيولى، وماهية الخط والسطح في رسالة الهندسة، وأما كيف هو؟ فسؤال يبحث عن صفة الشيء، والصفات كثيرة الأنواع، وقد بيناها في رسالة شرح المقولات العشر التي كل واحدة منها جنس الأجناس، وأما أي شيء هو؟ فسؤال يبحث عن واحد من الجملة أو عن بعض من الكل.

مثال ذلك إذا قيل: طلع الكوكب، فيقال: أي كوكب هو؟ لأن الكواكب كثيرة، وأما إذا قيل: طلعت الشمس، فلا يقال أي شمس هي؟ إذ ليس من جنسها كثرة وكذلك القمر، وأما أين هو؟ فسؤال يبحث عن مكان الشيء أو عن رتبته، والفرق بينهما أن المكان صفة لبعض الأجسام لا لكلها، مثال ذلك إذا قيل: أين زيد؟ فيقال: في البيت أو في المسجد أو في السوق أو في موضع آخر، وأما المحل فهو صفة للعرض، والعرض نوعان: جسماني وروحاني، فالأعراض الجسمانية حالة في الأجسام، مثال ذلك إذا قيل: أين السواد؟ فيقال: حال في الجسم الأسود وهكذا الألوان كلها والطعوم والروائح حالة في الأجسام ذات الطعم واللون والرائحة، وهكذا حكم جميع الأعراض الجسمانية.

وأما الأعراض الروحانية فحالة في الجواهر الروحانية، مثال ذلك إذا قيل: أين العلم؟ فيقال: حال في نفس العالم، وكذلك السخاء والشجاعة والعدل وما شاكلها من الصفات حالة في النفس وهكذا حكم أضدادها، وقد ظن كثير من أهل العلم ممن ليست له خبرة بأمر النفس ولا معرفة بجوهرها أن هذه الأعراض حالة في الجسم؛ كل واحد في محل مختص، مثال ذلك ما قالوا: إن العلم في القلب والشهوة في الكبد والعقل في الدماغ والشجاعة في المرارة والجبن في الطحال، وعلى هذا القياس سائر الأعراض، وقد بينا نحن أن هذه الأعضاء آلات وأدوات للنفس تظهر بها ومنها في الجسد هذه الأفعال والأخلاق في رسالة تركيب الجسد.

अज्ञात पृष्ठ