रसाइल इख्वान अल-सफा और खिलान अल-वफा
رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء
शैलियों
فمن عرف طبيعة العدد وأنواعه وخواص تلك الأعداد؛ تبين له إتقان الحكمة وكون الموجودات على أعداد مخصوصة، فكون الكواكب السيارة سبعة مطابق لأول عدد كامل، وكون الأفلاك تسعة مطابق لأول عدد فرد مجذور، وكون البروج اثني عشر مطابق لأول عدد زائد، وكون المنازل ثمانية وعشرين مطابق لعدد تام، ولما كانت السبعة مجموعة من ثلاثة وأربعة وكان الاثنا عشر من ضرب ثلاثة في أربعة وثمانية وعشرون من ضرب سبعة في أربعة؛ فبواجب الحكمة صارت مقصورة على هذه الأعداد، وكانت السبعة والاثنا عشر والتسعة مجموعها ثمانية وعشرون عددا؛ لتكون الموجودات الفاضلة مطابقة للأعداد الفاضلة.
(9) فصل في حكمة اختلاف خواص الكواكب
وأما الحكمة في كون الكواكب السبعة السيارة اثنان منها نيران واثنان منها سعدان واثنان نحسان وواحد ممتزج، وكون البروج الاثني عشر أربعة منها منقلبة وأربعة ثابتة وأربعة ذوات جسدين، وكون العقدتين في خللها؛ فالحكمة في ذلك أكثر مما يحصى، ولكن نذكر منها طرفا ليكون دليلا على الباقي، وذلك أن الباري - سبحانه وتعالى - بواجب حكمته جعل حال الموجودات بعضها ظاهرا جليا لا يخفى وبعضها باطنا خفيا لا تدركه الحواس، فمن الموجودات الظاهرة الجلية جواهر الأجسام وأعراضها وحالاتها، ومن الموجودات الباطنة الخفية جواهر النفس، ومن الموجودات الظاهرة الجلية للحواس أيضا أمور الدنيا، ومن الموجودات الباطنة الخفية عن أكثر العقول أمور الآخرة ثم جعل ما كان منها ظاهرا جليا دليلا على الباطن الخفي، فمن ذلك النيران: الشمس والقمر؛ فإن أحدهما الذي هو القمر دليل على أمور الدنيا وحالات أهلها من الزيادة والنقصان والتغيير والمحاق، والأخرى التي هي الشمس دليل على أمور الآخرة وحالات أهلها من التمام والكمال والنور والإشراق.
ومن ذلك حال السعدين المشتري والزهرة؛ فإن أحدهما دليل على سعادة أبناء الدنيا وهي الزهرة؛ وذلك أنها إذا استولت على المواليد دلت لهم على نعيم الدنيا من الأكل والشرب والنكاح والميلاد، ومن كانت هذه حاله في الدنيا فهو من السعداء فيها، وأما المشتري فهو دليل على سعادة أبناء الآخرة؛ وذلك أنه إذا استولى على المواليد دل لهم على صلاح الأخلاق وصحة الدين وصدق الورع ومحض التقى، ومن كانت هذه حاله في الدنيا فهو من السعداء في الآخرة.
ومن ذلك أيضا النحسان: زحل والمريخ، فإن أحدهما دليل على منحسة أبناء الدنيا وهو زحل؛ وذلك أنه إذا استولى على المواليد دل ذلك على الشقاء والبؤس والفقر والمرض والعسر في الأمور، ومن كانت هذه حاله في الدنيا فهو من الأشقياء فيها، وأما المريخ فإنه دليل على منحسة أبناء الآخرة، وذلك أنه إذا استولى على المواليد دل لهم على الشرور من الفسق والفجور والقتل والسرقة والفساد في الأرض، ومن كانت هذه حاله في الدنيا فهو من الأشقياء في الآخرة، وأما من استولى على مولده المشتري والزهرة فسعادتهما دلالة على السعادة في الدنيا والآخرة، ومن استولى على مولده زحل والمريخ فنحوستهما دلالة على منحسة الدنيا والآخرة، وأما امتزاج عطارد بالسعادة والنحوسة فهو دليل على أمور الدنيا والآخرة وتعلق إحداهما بالأخرى، وأما كون البروج المنقلبة وحالاتها تدل على تقلب أحوال أبناء الدنيا، والبروج الثوابت تدل على ثبات أحوال أبناء الآخرة والبروج ذوات الجسدين تدل على تعلق أمور الدنيا والآخرة أحدهما بالآخر.
وقد قيل: إن طالع الدنيا السرطان وهو برج منقلب وأوتاده مثله، وأما العقدتان اللتان تسمى إحداهما رأس التنين والأخرى الذنب فليسا بكوكبين ولا جسمين ولكنهما أمران خفيان - كما بينا قبل - ولهما حركات في البرج كحركات الكواكب، ولهما دلالة على الكائنات كدلالة الكواكب النحوس وهما خفيا الذات ظاهرا الأفعال فخفاء ذاتيهما وظهور أفعالهما يدل على أن في العالم نفوسا أفعالها ظاهرة وذواتها خفية يسمون الروحانيين، وهم أجناس الملائكة وقبائل الجن وأحزاب الشياطين، فأجناس الملائكة هي نفوس خيرة موكلة بحفظ العالم وصلاح الخليقة، وقد كانت متجسدة قبل وقتا من الزمان فتهذبت واستبصرت وفارقت أجسادها واستقلت بذاتها، وفازت ونجت وساحت في فضاء الأفلاك وسعة السماوات، فهي مغتبطة فرحانة مسرورة ملتذة ما دامت السماوات والأرض.
وأما عفاريت الجن ومردة الشياطين فهي نفوس شريرة مفسدة، وقد كانت متجسدة قبل وقتا من الزمان ففارقت أجسادها غير مستبصرة ولا متهذبة فبقيت عميا عن رؤية الحقائق صما عن استماع الصواب بكما عن النطق الفكري في المعاني اللطيفة، فهي سابحة في ظلمات بحر الهيولى، غائصة في قعر من الأجسام المظلمة ذي ثلاثة شعب تهوي في هاوية البرزخ كلما نضجت جلودهم بالبلاء بدلناهم جلودا غيرها بالكون، فذلك دأبهم ما دامت السماوات والأرض لابثين فيها أحقابا لا يجدون برد نسيم عالم الأرواح، ولا يذوقون لذة شراب المعارف، فهذه حالهم إلى يوم يبعثون.
وأما الظاهر من تأثيرات الرأس والذنب فهو كسوف النيرين، وذلك أنهما من أوكد الأسباب في كسوفهما، وإنما اقتضت الحكمة كسوف النيرين لكيما تزول التهمة والريبة من قلوب المرتابين بأنهما إلهان، فلو كانا إلهين ما انكسفا، وإنما صارت محنة الشخصين النيرين الجليلين بأمرين خفيين؛ ليكون دليلا على أن أعظم المحنة من الشيطان على الأنبياء - صلوات الله عليهم أجمعين - لأن الأنبياء هم شموس بني آدم وأقمارهم، فمن ذلك قصة إبليس مع آدم أبي البشر وإخراجه له من الجنة وقصة ركوبه مع نوح في السفينة وقصته مع إبراهيم خليل الرحمن يوم طرح في النار في إصلاح المنجنيق وقصته مع موسى - عليه السلام - حين وسوس إليه أن هذا الكلام الذي تسمع لعله ليس كلام رب العالمين، فعند ذلك قال موسى: @QUR07 رب أرني أنظر إليك قال لن تراني، وقصته مع المسيح وزكريا ويحيى - عليهم السلام - وغيرهم من الأنبياء معروفة يطول شرحها، وإنما ذكرنا هذه الأحرف في هذه الرسالة؛ لأن أكثر أهل زماننا الناظرين في علم النجوم شاكون في أمر الآخرة، متحيرون في أحكام الدين، جاهلون بأسرار النبوات، منكرون للحساب والبعث، فدللناهم على تحقيق ما أنكروه من صناعتهم؛ ليكون أقرب من فهمهم وأوضح لبيانهم، وكذلك فعلنا في سائر رسائلنا التي عملناها في فنون العلوم.
(10) فصل في علم أحكام النجوم
وإذ قد ذكرنا طرفا من علم الهيئة وتركيب الأفلاك شبه المدخل والمقدمات فنريد أن نذكر أيضا طرفا من علم «الأحكام» الذي يعرف بالاستدلال:
अज्ञात पृष्ठ