إهداء
السلم هو جثة الحرب
مقتل الحارس
أهل الكهف
البحيرة
الغرباء
خيانة النص
خيانة النص مرة أخرى
الرجل لا يغضب لكنه يتعلم
الجذور «تيري»، «الكا»، وأشياء أخرى
अज्ञात पृष्ठ
لا، لا، لا
البداية
أزولوما الحرب
إهداء
السلم هو جثة الحرب
مقتل الحارس
أهل الكهف
البحيرة
الغرباء
خيانة النص
अज्ञात पृष्ठ
خيانة النص مرة أخرى
الرجل لا يغضب لكنه يتعلم
الجذور «تيري»، «الكا»، وأشياء أخرى
لا، لا، لا
البداية
أزولوما الحرب
رماد الماء
رماد الماء
تأليف
عبد العزيز بركة ساكن
अज्ञात पृष्ठ
إهداء
إلى مريم بنت أبو جبرين
أمي
عبده بركة
السلم هو جثة الحرب
لا شيء، لا شيء.
لا شيء غير هياكل الأشجار المحترقة.
أشجار الحبحب، المهوقني، المانجو، والتك العملاقة.
لا شيء غير هياكل من الفحم والرماد.
أما القشدة، الأناناسات، البابايات، غيرها من الشجيرات الهشة التي تنمو على جوانب التلال الخصيبة الممتدة ما بين الدغل الأوسط والشرقي عبر قرى «لالا». «شاري». «فترا».
अज्ञात पृष्ठ
وكهوف «الكا» المتفرقة فيما وراء بحيرة التماسيح، قبيلة «الكا» المرعبة تمتد خلفها سلسلة جبلية وعرة، يقولون إنها أم البحيرات، تحتضنها منذ أن خلق الله رجلا أسود جميلا وسيدة سوداء ورمى بهما من السماء في أفريقيا على قمة شجرة جوغان، هذه الشجيرات الهشة لا وجود لأشباح هياكلها؛ لأن النيران التهمتها تماما، النيران التي يطفئها المطر ثم تشعلها قذائف الراجمات، قنابل الأنتينوف البرميلية والشحنات النووية الصغيرة محدودة الأثر التي تمت صناعتها لتفعيل الحروب التقليدية في رقعة من الأرض محدودة عشرة أعوام على التوالي، الأرض سوداء ليس نتيجة خصوبة أو أن الله خلق لها طينا في بشرة الإنسان، لكن لأنها محترقة، أيضا تتناثر عليها بين مكان وآخر شظايا المقذوفات المدفعية الهاون/الراجمات/الدوشكا/م. د.
فوارغ فوارغ فوارغ.
جثث الآلات العسكرية الثقيلة، إطاراتها، هياكلها، خوذات العسكر، البنادق المهشمة، الألغام الفاسدة، وهي طفلات غير شرعيات لألغام لئيمة صامدة تنتظر تحت الأرض: تسبح بحمد الله، عسى الله أن يرزقها عثرة، هياكل عظمية.
هياكل عظمية يا حبيبتي.
هياكل عظمية.
قطط مشوية.
قردة مشوية.
صقور مشوية.
أرانب مشوية.
أسد، كلب، قط ، ولد، ولد، ولد، نساء مشويات ينمن قرب جنائز الآلة.
अज्ञात पृष्ठ
أشجار مشوية.
أحذية، أحذية عليها بقايا أرجل بترتها الألغام.
أحذية تدوس على أزرار دبابات هالكة.
أحذية هالكة، أحذية عسكر يا حبيبتي.
عسكر، أموات، أموات.
مقابر جماعية، هاونات معطوبة.
جندي محترق نصفه الأعلى، نصفه الأسفل في الخندق، سحلية لا رأس لها، سحليتان، خوذ حديدية بداخلها رءوس، حراب ودروع من جلد وحيد القرن.
نمل شديد السواد منكمش على نفسه، الأرض سوداء.
يدل على وجود القرية الأواني الفخارية التي دائما ما يحملها البشر البائدون مهمة أن تعلن عنهم في الزمن القادم، زمن ليس بزمانهم، يدل عليها الأطفال المقليون المشويون المتناثرون بين هنا وهنالك، تدل عليهم بقايا كهوف.
تدل عليها قرب الماء المشوية.
अज्ञात पृष्ठ
تدل عليها الأغنام والأبقار المشوية.
تدل عليها الدجاجات وهي ريش الآن منثور. يدل عليها طفل على صدر أمه، هيكلان يتحاضنان تحت هيكل شجرة ويتساقط الرماد منها عليهما.
سلاما.
سلاما.
كلما عبثت بها ريح لم تمت، هل تموت الريح؟ ثم، ثم.
عند منتصف الوادي على بعد مسيرة أيام قليلة من مدينة نيلو الحدودية يوجد حطام لمبنى، شيد من الحجارة والمواد المحلية الأخرى، يبدو أنه المبنى الوحيد بالوادي شيد بالحجارة، المبنى المهدم، لكنه علامة تدل على أثر إنسان. واضح أيضا أنه اتخذ في وقت ما حامية مؤقتة للجيش، فبقايا موتهم تدل عليهم، تشير إلى حياتهم السابقة.
خنادق، فوارغ القذائف، صفائح الأطعمة الجاهزة؛ بعضها فارغ، بعضها محترق بما فيه، هياكل عظمية، خوذات الحديد بها جماجم ناضجة، بقايا سترات عسكرية، جسد مشنوق على شجرة مانجو وهي على شيء من الخضرة، أوراقها مشوهة وبليدة تنمو على أشكال مرعبة.
الجثة المشنوقة.
جسد جاف تماما لم تمسسه حتى الأطيار الجارحة أو الديدان، لشاب في مقتبل العمر لم تنبت له لحية بعد ولا شوارب، كان عاريا، على عنقه تتدلى تميمة كبيرة بين نابين لنمر أبيض كالبرد، شعره مرسل، أشقر. أيضا بسهولة يمكن التأكد من أن له عينا واحدة فقط، الأخرى مفقوءة. إذا جاز - وهذا مستحيل بالطبع - لأحد أبناء القرية أن يصحو من موته أو يأتي من حيث ادخره الله ورأى هذه الجثة، لصاح في ألم قائلا: إنه بانارودنا.
إنه دائما أسوأ الناس حظا.
अज्ञात पृष्ठ
كانت الريح تدور في المكان وتصر صريرا مرعبا، تعبث برماد الأشياء، تعمي أعين الموتى الفارغة، أعين الدبابات المحترقة، أعينها السرية جدا، لا أثر للحياة في الأرض؛ لا إنسان، لا حيوان، لكنك يا حبيبي إذا تطلعت إلى السماء بعينيك الحلوتين لرأيت من وقت لآخر أسرابا من النسور الصلعاء تدور في حلقات، فاردة أجنحتها تحملها تيارات الهواء حيثما شاءت. هنالك أيضا أسراب الطيور المهاجرة تعبر المكان متجهة نحو الجنوب أو الشرق، نحو الغرب، إنها لا تهبط إطلاقا. أما في الليل، الليل يا حبيبتي زهرة تعشقينها، دائما الليل يا حبيبتي قنديل، الليل نعاس لذيذ وقبلة، أما في الليل بعد أن يختفي آخر شعاع خصه الله بالشمس، وهو خير الخاصين، عندها يا حبيبتي ...
عندها يحيا الموتى.
يتمطون.
تطقطق عظامهم الجافة العطشى موقظة البنادق والآلات الحربية المعطوبة، فيرعون الألغام، يبنون الحواجز الترابية والأسلاك الشائكة، يطلقون قذائف الهاون والراجمات في الهواء فيحيلون الليل الساكن الساكت الشجي، ليلك الجميل، ليل عينيك السنجابيتين، فيحيلون ليلك جمرة كبيرة مستعرة، يقتلون بعضهم البعض، ينشدون ممجدين الظلام والكلاب الضالة، لاعنين مثقاب الداعرات بمنهاتن ومومباي ومدينة ود مدني وتسني، حتى إذا بزغ الفجر بلياليه العشر عادوا إلى موتهم، ماتوا فيه موتا أشد سكوتا وسكونا من موتهم الأول.
فوق الأرض بقليل، دون السماء إلى أعلى الهضبة توجد البحيرة، حليقة من العشب والشجيرات التي تحيط بها في زمان ما قبل.
ماء البحيرة غاية الصفاء، يمكن رؤية قاعها بكل سهولة ويسر، لكن الموت، الموت، الموت لمن شرب من مائها؛ لأن شيطانا كيميائيا ينام فيها منتشرا بين مسام مائها.
المطر يهطل بين الحين والحين ليسقي الأرض التي لا ترتوي، يغسل الأشجار، الآليات، والجثث من الرماد والغبرة العالقة بها، يداعب الموتى مضيئا إياهم بالبرق، هي لعبة يسميها الأطفال فيما قبل: غمضت لبدت ...
تنبت نباتات غريبة لا عهد للوادي بها، تجري الخويرات بماء أسود ثقيل لتصب في النهر البعيد في البلاد المجاورة، تخنق الأسماك، يصاب المواطنون بالإسهال الذي يعالج بالموت.
يا حبيبتي، الموت البارد حيث لا دم فيه هو ثمن السلام الدائم.
مقتل الحارس
अज्ञात पृष्ठ
الوقت منتصف النهار، هو مرهق، عطشان، جوعان، يمضي إلى الأمام، لن يشرب، لو قليلا من الماء؛ لأن التجربة علمته أن شرب الماء على الجوع يصيبه بالتواء في أمعائه، حدث له ذلك عدة مرات.
الماء موجود في الأمكنة حوله، ولو أن المطر قل هطوله في الأيام الثلاثة الأخيرة، برك الماء لم تجف، الخويرات الصغيرة ما زالت تحتضن بعضا من الماء، تجري الخويرات عند هطول المطر تجاه بحيرة التماسيح، وهي بحيرة صغيرة غير موضحة في الأطلس لا يعرفها الجغرافيون، لكن الخريطة التفصيلية للمنطقة المقفولة التي سرقها من دار الوثائق القومية تبين البحيرة، تعطي أدق التفاصيل عنها؛ عمقها، مساحتها، العدد التقريبي للتماسيح التي تسكنها، أصلها، فصلها. التماسيح هي ما يميز هذه البحيرة عن غيرها، التماسيح الأكثر شراسة في القارة كلها، آكلة لحوم البشر، تسببت هذه التماسيح قبل عشرين عاما في إبادة قرية بأكملها حينما زحفت في جماعات جائعة نحو القرية تختطف الأطفال، والنساء، والشباب أيضا، تسعة وتسعون تمساحا.
كان هذا سببا ذكرته الحكومة المركزية في الشرق في تعليلها لنقل مائة قرية من الدغل الشمالي والأوسط تخوم المدن الحضرية في الشرق. لو أن الهدف الأساسي من الترحيل بالتأكيد لم تقله الحكومة وتتهم كل من يشير إليه بالتحريض وإثارة الفتن وموالاة الدول المعادية بل الخيانة العظمى، كان سبب الترحيل يتمحور حول مسح الدغليين، تضييع هويتهم الثقافية والعرقية ودمجهم في ثقافة الأغلبية الحاكمة في الشرق، بل كما يؤكد بعض الدغليين الذين نالوا قدرا من الثقافة تجنيدهم لحماية ثقافة الشرقيين وتبنيها والدفاع عنها ومحاربة ثقافتهم الخاصة، بدعوى أنها ثقافة وثنية قديمة بائدة، ما برم بجيل غير صنم شيده الشيطان على شط النهر العجوز، غير أن كثيرا من القبائل قاومت الترحيل واعتصمت بالدغل والأحراش.
يحمل على ظهره سريره الجوال، ناموسيته وبعض الملابس، بعض الأطعمة المعلبة والمجففة، زودته به أمه ، أمه التومة، اسمها قبل التهجير أنجو دورنا، هاجرت وهي صغيرة مع أسرتها من أواسط الدغل الأوسط، الآن تنكر أصولها، جدتها كما هو مؤكد لكبار المهجرين من قبيلة الكا، يحمل ضمن أمتعته كاميرا كوداك حديثة، غالية الثمن، لديها قدرة على التقاط صور الأشياء وتسجيل أصواتها من على بعد سحيق، تستطيع العمل في كل الظروف؛ تحت الماء، عند العاصفة، تحت درجة حرارة عالية، عند درجة رطوبة عالية، بالليل، بالنهار، تعمل وحدها ببرمجة بسيطة سهلة.
تستطيع أيضا.
كانت خفيفة الوزن صغيرة الحجم، إذا أضيف إلى الحمل سلاحه الشخصي وهو مسدس صغير ماركة النجمة، سيزن الحمل ثلاثين كيلو جراما فقط، أي نصف وزنه هو بالتمام، حدد هذا الوزن سابقا بصورة علمية مدروسة، أخذت في الاعتبار المسافة، نوعية التربة، وعورة المسالك، حالة الطقس.
فوق ذلك كله وزنه الشخصي واعتبارات الضرورة.
هو رجل شجاع ثري جدا من أسرة متجذرة في المال، متجذرة في الترحال والمغامرة، يكفي أن جده الأكبر تيه تيه أكله دب في أحراش التبت، كيف؟!
لا أحد ...
كان يمشي متوغلا في أحراش الغابة، عبر تربتها الصخرية الحمراء على أشواك السنت، النخيل المتسلق، أشواك الأيفوربيا المتوحشة، حذاؤه الكولمان الجيد سيقيه لدغات الثعابين السامة والعناكب والقراد وأيضا السحالي؛ ذات الحذاء الذي سيخوض به برك الماء الراكدة، حقول الطين الحمراء، سيجد نفسه في مواجهة أرض فضاء شاسعة، ذلك لأول مرة منذ أن أطلق ساقيه للمسافة. عندما تسلق ضفة الخور الترابية العالية، رأى على البعد مبنى تحيط به أشجار عالية خضراء، جلس على حجر، أخذ يتفحص تفاصيل الخريطة، هي تشمل أدق خصائص المكان؛ علاماته، قناطير التراب، ضفة الخور العالية، وقف عليها قبل قليل، وجد المبنى، كتب في تفسيره: مستر ومسز جيني، البدائيان.
अज्ञात पृष्ठ
عندما أدار صفحة التفسيرات التفصيلية وجد كليمات تشير إلى تاريخ تشييد المبنى، مواد بنائه، عن ميول جيني البدائية، أصلهما أمريكا، إنهما عالمان خطيران في السلاح الحديث، اختفيا في ظروف غامضة، هنالك أقاويل غير مؤكدة بل خيالية عن أحفادهما، ولو أن الشروحات بدأت غريبة ومثيرة للأسئلة وروح المغامرة، إلا أنه لم يقف عندها كثيرا فهو شخص عملي ولا هدف له الآن غير استكمال الجزء العملي من رسالة الدكتوراه التي سيقدمها بعد شهرين للمجلس العلمي، بعد ذلك بشهرين ستناقش الرسالة إذا قبلت. سيتحقق حلم عمره، يصبح محاضرا في الحياة البرية، كما أنه لا يميل إلى ما يسميه بسخافات الخواجات، بدائية، مشاعية، وجودية، وأشياء أخرى يجد نفسه مدفوعا لقراءتها دون لذة، بل ويستطيع أن يقول لصديقه الصادق الكدراوي: إنني لا أفهم فيها شيئا.
عندما أدرك بوابة المبنى المصنوعة من قنايات البامبو، أنزل ما بظهره من حمل على كومة من المحاريب، تمطى، تفحص المكان بعين سائلة؛ الباب القديم الغارق في بركة من الوحل، المكان شائخ ومهجور هجرانا تاما، صامت كلوحة رديئة، كجثة، لا أثر لإنسان.
تمتم بتعويذتين قصيرتين تفيدان في دخول الأماكن المهجورة المعزولة التي كثيرا ما يسكنها الجن والشياطين وخلافهم من العفاريت، تبسمل، تلا بصوت مسموع أسماء أهل الكهف: مكسيما.
ثمليخا.
مرطونس.
نينوس.
ساريوليس.
ذو نواس.
فليستطيونس، هو الراعي والراعي «واعي».
قمطير أو حمران أو ريان هو كلبهم.
अज्ञात पृष्ठ
ثم توكل على الله، والله خير من يتوكل عليه. دفع الباب، لكن الباب انهار انهيارا تاما متكوما على بركة من الطين مصدرا هديرا مفزعا، ما جعله يقفز مبتعدا عن رشاش الماء وشظايا البنيان المهدود، لكنه لم يستطع الدخول، جثة الباب أصبحت عقبة تمنعه الولوج؛ لأن شجرة شوكية عملاقة نمت خلف الباب مباشرة مغطية مساحة شاسعة من الأرض، كانت شبه زاحفة، لم ير مثلها في حياته من قبل. المبنى يتوسط سياجا ضخما من أعمدة التك والمهوقني، تتعارض عليها عيدان القنا والبامبو مكونة مربعات صغيرة «تتشعبط» عليها المتسلقات الاستوائية دائمة الخضرة، ذات أزهار جذابة، أوراق كثيفة عريضة تعتم السياج فلا يمكن رؤية ما بالداخل.
تمشى قليلا لصق السياج محاولا تفحص ما بالداخل؛ المحريبات وعشيبات الحسكنيت وما يسميه قوم الدغل الأوسط بالماجا، هي عشبة لها أشواك تنطلق كالسهام نحو الفريسة أو كل شيء يمس الماج، لكنه رغم هجوم الماج والحسكنيتات وأشواك النخيل المتسلق استطاع أن يميز الصخور الحمراء التي بني منها المبنى القديم المشحون بأسرار أزمنة تليدة ذات شيخوخة بائلة، تحيط به أشجار المانجو والموز في فنائه، هنا وهناك ترى بعض نباتات الأناناس ...
هو لا يعرف شيئا عن مستر ومسز جين البدائيين، ولا يعرف شيئا عميقا عن البدائية غير أنها مرحلة تتعلق بأجدادنا القدماء كما تعلم من معلم التاريخ في المرحلة الابتدائية، غير أنه شيء ليس من اهتماماته، لكنه لم يتردد ثانية في الولوج داخل المكان عندما وجد معبرا صغيرا يمكنه من الدخول إذا حمى رأسه وظهره، استخدم كفتيه في الحبو، فعل، هربت بعض الأرانب البيضاء والسحالي من قرب رجليه، قردان من على شجرة مانجو يرقبانه بحذر واستغراب، لم يرهما، دار حول المبنى دورات عدة، كانت نوافذه الكبيرة مغلقة لا منفذ للداخل غير أبواب موصدة. حسب تقديري يحتوي المبنى على ما بين ثلاث إلى أربع حجرات ومطبخ، بالإضافة إلى قاعة كبيرة في الوسط وحجرات أخرى صغيرة متداخلة في ذات المبنى الأساسي، توجد بناية خارجية عرف أنها تمثل مرحاضا، جذب باب المرحاض للخارج، صر صريرا بائسا، دون أن يقرأ إحدى التعويذات السبع التي تفيد في دخول الأماكن المغلقة المهجورة، دون أن ينادي بأسماء أهل الكهف أو يذكر مرطونس، يا صاحب البقية!
بينما هو في شأن أن يقول بسم الله، إذا به يسمع شيئا، قبل أن يتبين مصدر الصوت سمع الفحيح، قفز للخلف بحركة رياضية مشهرا بندقيته الصغيرة، مصوبا إياها نحو ظلام المرحاض، لم يسمع شيئا، عندما استدار للرحيل خرجت، كانت حية شديدة الضخامة، جلدها يتوهج مع أشعة الشمس المتسربة بين أفرع الأشجار، كأنها خيط سميك من الحرير مسقي بزيت نقي أسود، طولها يفوق المترين، لم ير مثلها في حياته، كانت جميلة مرعبة، سيطلق النار إذا حاولت مهاجمته أو مالت نحوه، هو لن يبادر، دارت الحية السوداء الجميلة المرعبة حول نفسها دورة واحدة ثم تكومت، سكنت عدا مؤخرة ذيلها، أخذت تبصبص كذيل كلب فخور بسيده. انسحب من المكان بسرعة معيدا بندقيته إلى جرابها في حزامه الجلدي ، هو رجل شجاع عقلاني حينما يكون داخل المدينة، لا يؤمن بالتعاويذ والتمائم، يسميها شعوذة، دجلا وتخلفا. في الجهة الجنوبية توجد شجرة فيكس إلستكا، أوراقها غزيرة، سميكة جميلة، لا يوجد شيء تحت الشجرة، مرت سحلية صغيرة صفراء منزعجة أمامه، اختبأت تحت أجمة من العشب، ثعبان صغير يتسلق شجرة قشطة، قفقفة صقر تأتي إلى مسمعه من بعيد، الساعة تشير إلى الثالثة بعد الظهر، الشمس دافئة نسبة لارتفاع درجة الرطوبة. نصب سريره الجوال بعيد المبنى؛ لأن أسراب البعوض أخذت تحلق في كتلة كبيرة حوله، نصب أيضا ناموسيته، أشعل النار في كومة من الأعشاب في أرض فضاء قربه حتى لا تحترق الغابة، قام بقطع بعض الأخشاب والشوك، صنع منها سياجا صغيرا حول سريره، اعتاد أن يفعل ذلك كل ليلة منذ الثالثة أو الرابعة بعد الظهر. أخرج خريطته، أخذ يدرسها بدقة متناهية كأنه يراها لأول مرة، تقول الخريطة إن هذا المكان يبعد عن أقرب قرية حضرية مسيرة 15 يوما مشيا على الأقدام دون توقف، أي حوالي 54 ميلا، وتوجد بعض القبائل البدائية في مساحة ليست بالبعيدة لكنها غير محددة بدقة، يمكن الوصول إليها بسهولة أكثر من الدول المجاورة، حيث لا تبعد عنها أكثر من عشرة أميال. يبعد هذا المكان عن بحيرة التماسيح حوالي الخمسين ميلا عن طرق شائكة جبلية؛ لأن البحيرة تقع بين منخفضين، ثلاثة جبال تحيط بها من جهة الشرق، الجنوب، والغرب.
المدخل الوحيد للبحيرة عبر النهر ينبع منها، أو عبر مسلك الخويرات الصغيرة تصب فيها، هذا هو المسلك الأكثر أمنا. بنهر البحيرة توجد أيضا بعض التماسيح الخطيرة، كل الإقليم يقع في المنطقة الاستوائية دائمة الخضرة، دائمة الأمطار، كثيفة الأشجار، يوجد بها كل ما خلق الله من حيوان خصيصا للمناخ الاستوائي، تندر الأفيال والأسود وغيرها من الوحوش ذات الأجسام الضخمة، القلة الموجودة منها تعيش في الأماكن حيث تقل الأشجار، أي الأماكن الكاشفة عن الأرض، بها من الطيور الطنان، طوقان، براكيت، مفو، الطاؤوس، بوقير، الوروار، عشرات من الأطيار الجميلة والنسور وأطيار لا يعرف لها اسما، لكنه يخاف البوم؛ يعرف ما يحدث غدا، يعرف الشر المتربص بالإنسان.
البوم لا يصرخ عبثا، البوم يصرخ ليقول.
وبمنطقة الدغل توجد بعض التجمعات البشرية التي قاومت التهجير الحكومي خلال الخمسين سنة الماضية، ودخلت الحكومة في حروبات عرقية قصيرة حسمتها الأمم المتحدة بأن يهاجر من يريد الهجرة طائعا ويترك بغابته من شاء طائعا، هددت دولة لها قوة عسكرية تستحق احترام الجميع بأنها ستتدخل إذا واصلت الحكومة الشرقية سياسة التهجير بالقوة، أعلنت الحكومة المركزية في الشرق ما أسمته سياسة المنطقة المقفولة، من يدخلها غير داعية أو من دون تصريح أو تفويض حكومي يعرض نفسه للسجن أو الجلد أو الاثنين معا، لكن من دخل هذا الدغل المحرم يعرف الجميع أن له عقوبة واحدة؛ أن يختفي للأبد إذا قبضت عليه الحكومة المركزية بالشرق. كان سلطان تيه يعرف ذلك جيدا، لكن سلطان تيه بالذات لا تشك السلطة في عدم ولائه ولو أنه من جذر دغلي بحت، إلا أنه لا يعترف بما يدعى - سريا - بالقومية الدغلية أو ما تسميه الحكومة بالدغليين، هو ملكي أكثر من الملك؛ لذا حصل على تصريح موقع من رأس السلطة مباشرة.
سلطان تيه شاب كثير الترحال، كان يقوم برحلاته بصحبة صديقه الصادق الكدراوي، عبر البلاد الكبيرة شرقا وغربا بالقطار، بالسيارة، ركبا الحمير والعجلات، واحتال عليهما لصوص، وواجها النهب المسلح في الجنوب والغرب. كان الصادق الكدراوي هذا - كما يؤكد سلطان تيه نفسه - «عيني التي ترى، وأذني التي تسمع، وعقلي الذي يحلل»، لكن يعترف سلطان تيه أن الصادق الكدراوي هو «دليلي إلى عالم المرأة الغامض، هو شخص ليس بالإمكان الاستغناء عنه»، تخلف الصادق الكدراوي في هذه الرحلة نتيجة لإصابته بداء التهاب المفاصل المؤلم. كانا من أسرتين غنيتين، كانا منعمين، وكان الصادق الكدراوي ذا حظوة لدى النساء وطارحا نفسه كمشروع للحب والعلاقات البناتية، مشروع - كما يقول الصادق - قومي، أقسم بينه وبين نفسه أن يعاشر من كل قبيلة في البلاد الكبيرة امرأة، أضعف الإيمان قبلة عميقة، إنها دعوة من أجل توحيد البلاد عاطفيا، بلاد بها عجز الدين والمنطق والثقافة والعرق، فلنجرب المرأة.
لا يحبان السياسة ولا يحبان التحدث في الجنس، القبيلة والعرق، المال، الفقر، الدين، إنهما مواطنان في البلاد الكبيرة، حسبهما ذلك.
وضع على النار مزيدا من الأشواك وحطب السنت الخضراء عل دخانها يطرد البعوض والحشرات الصغيرة الطائرة.
अज्ञात पृष्ठ
توضأ بماء المطر ثم شرع يصلي العصر، ثم أخرج مسبحته وأخذ يردد بعض أسماء الله الحسنى، اعتاد أن يتلو بعض الأوراد التي أخذها عن أبيه الذي يتبع طريقة صوفية لها طقسها الخاص والعميق، الآن منذ أن بدأ رحلته نحو بحيرة التماسيح استعاض عن الأوراد بتعاويذ تفيد في تجنب الأرواح الشريرة، في المدينة كان يكفر بها، وبعد أن حوط نفسه آمنا شرور الأشرار أدار مؤشر الراديو الصغير إلى ال
BBC
الإذاعة الوحيدة التي يصدق أخبارها ويثق فيما تقوله من خبر ويراسلها أيضا.
مثل كل ليلة قضاها بهذا الدغل كانت الذئاب تحوم حوله وهي تقفقف، ومسدسه ماركة النجمة دائما معد لإطلاق النار، لكنه لم يستخدمه إلى الآن، هو شخص حسن الحظ لم يهاجمه إلى الآن حيوان مفترس، نعم، يقل بالغاب الجاموس - هي حيوانات عدوانية بطبعها - لكن الذئب، لكن كلب، السبع، اللبوءة؟!
هل لدعوات أمه الطيبة التومة شأن؟ وإلا ما سبب سكون حية المرحاض السوداء التي بإمكانها فعل ما تشاء؟! حلق عليه وطواطان، ضحك في ذات نفسه، كان طفلا في سن المراهقة يصحبه عدد من أصدقاء الطفولة المراهقين يحملون مسحوق لحم الوطواط، مخلوطا برماد ذيل السحلية وهم يختبئون خلف نباتات العشرة على ضفة خور المقابر الكبير حيث يقضي الناس حاجاتهم، وكانوا ينتظرون نفيسة الجميلة بنت الأستاذ القادمة حديثا من المدينة الكبيرة، ستأتي في صحبة والدتها لقضاء الحاجة، سيضع الأطفال المراهقون خليط الوطواط والسحلية على بول نفيسة الجميلة حتى لا تستطيع نفيسة الجميلة النوم ما لم يضاجعها أكثر الصبية حظا، ولسخرية القدر جاءت أخته الرضية وتبولت بمكان لم يره منها هو، كانت جميلة، دائما ما يحلم صديقه حماد بمعانقتها. كان حماد في موقع ليس بالبعيد عنها، عندما قضت حاجتها وغادرت انزلق حماد من تحت العشرة وصب مسحوق السحلية والوطواط على موقع بولها، ثم لما تأكد من أنها اختفت عن الأنظار ذهب إلى مكمن صديقه، همس في أذنه: «كانت نفيسة هنالك، وسكبت مسحوقا على بولها، هيا لنعد. هل سأكون محظوظا الليلة؟»
وكان سلطان تيه يعرف نفسه بأنه الأكثر حظا بين أصدقائه؛ «وسأفوز الليلة أنا بنفيسة ابنة الأستاذ». عندما التقوا صبيحة اليوم الثاني، بادر سلطان تيه رفاقه في فخر: «جاءتني نفيسة في منتصف الليل بعد أن نام كل من في المنزل، وصحبتني إلى منزلها حيث تنام وحدها بالبرندة ووالداها ينامان بالعوضة، إنها وإني وإنها و... و...»
فضحك عليه الأطفال المراهقون ضحكا أثار شكوكه، ولم يعرف مكيدة حماد إلا بعد أعوام كثيرة على الحادثة.
يبدو لسلطان تيه خلف ظلال النار بعيدا خلف شجرة صغيرة خيال شخص، وقبل أن تتأكد الرؤية اختفى الخيال؛ «هل هي أشباح الليل؟ أو لربما دب النعاس في عيني»، لكن عندما تناهى لمسمعه عواء ذئاب في ناحية اختفاء الشبح أمعن النظر، فتراءى لناظريه ما يشبه ومضة برق خاطفة؛ قدح زناد، أو إشعال عود ثقاب، لكنه يعرف على الأقل خمسة أنواع من الحشرات تضيء أثناء طيرانها، كلها توجد بالدغل. عواء الذئب يصبح أكثر إفزاعا، هل اصطادت فريسة ما أم أنها تحوم حول أشخاص/بشر كان بعضهم قربه قبل قليل؟
هو رجل شجاع، طوال هذه الأيام التي قضاها عابرا الدغل لم يصادف أن قابل أحدا غير رجل واحد، قابله قبل يومين، رجل عار كالشيطان، مشعر، طويل القامة، تصادفا ذات صباح عند خور كثيفة أعشابه في طول الإنسان، ويبدو أن الرجل كان يعد شركا بدائيا لاصطياد حيوان صغير، بينما هو يفعل إذا بسلطان تيه يخرج إليه من بين الأعشاب، فزع الاثنان، هرب سلطان تيه ناحية، هرب الرجل ناحية تاركا وراءه شركا مصنوعا من صوف ذنب الزراف. بينما سلطان تيه يهرب بعيدا لم يلاحظ أن امرأة جميلة كأنها من قبيلة «الكا» كانت هي الأخرى تعد شركا في موضع ليس بعيدا عن شرك الرجل، وأنها لم تهرب بل كانت تنظر إلى سلطان تيه وهو يهرب وعلى ظهره حمله في برود تام ودون أدنى اكتراث وكأنها ترى هذا المشهد للمرة المليون.
وفقا للخريطة لا توجد قرية قريبة من هذا الموقع، قرية «لالا» تقع على بعد يومين ونصف اليوم في اتجاه الغرب، من أين أتى الرجل الغريب؟! كانت الذئاب تعوي، قفل الراديو ولو أن البرنامج كان سيثير انتباهه في الحالات العادية، فهو متابع جيد للبرامج العلمية، دار حول سريره عدة دورات دون سابق تفكير أخذ يردد تعويذة سرية تفيده في تحويط المكان، تبدأ ب «إيلاف قريش»، تنتهي:
अज्ञात पृष्ठ
أصبحنا بالحديد.
أمسينا بالحديد، أمسينا بالحديد.
ما نفع إلا ربنا الشديد.
كان شجاعا ذكيا، كان عقلانيا في تفسيره للظواهر الغريبة أو التي تبدو غريبة والمخافات.
تتجمع بعض السحابات فتخفي النجوم الكثيرة جدا، النجوم التي تساوي عدد نجوم المدينة مضروبا في عدد نباتات الدغل، هل خلقت هذه الأنجم من أجل الغابة فقط، نجمة من أجل كل صفقة؟
لديه خوف فطري من المطر؛ لأن المطر لا يفرق بين الصالح والطالح.
لأن المطر يهبط على الجميع.
لأن المطر يعمق غربته ووحدته.
لأن المطر ثلاث مخافات:
مخافة من فوق: الماء.
अज्ञात पृष्ठ
مخافة من تحت: السيل.
مخافة من حيث لا يحتسب: الصاعقة.
إذا جاء المطر سيدخل إلى البيت المهجور؛ الأفعى.
وما يمنع البيت من أن يكون مسكونا بالجن؟ من يدري؟
خلط بين تعويذتين لا يستحب الخلط بينهما، أخذ تعويذاته السرية، حسيس النار، خلف صمت الراديو الصغير خليط التعويذتين، دخل ناموسيته، أدار الراديو مرة أخرى، كان شجاعا.
لا يدري كيف قفزت حادثة وفاة والده إلى رأسه بالذات، حادث السير المشئوم، كانت رأسه سحقت تماما على الأسفلت، هو - سلطان - والسائق نجوا من الموت، وكان والده سينجو لولا أن قفز من العربة في اللحظة التي انحرفت فيها سيارة نقل ثقيلة نحو عربته الصغيرة التي كانت بصدد أن تتخطى عربة النقل، هو نفسه - سلطان - لو كان قرب الباب لما تردد لحظة في القفز، كل حمولة الشاحنة مرت على رأس والده الأشيب ذي الصلعة، الملآنة بالفكاهة والحكاوي، الملآنة بأسرار الصوفية وكلام الله؛ «كان أبي رجلا مرحا متدينا».
جاء وحده ذئب ضخم عجوز يدور حول النار على بعد أمتار قليلة عن مركزها، كان يرقبه عبر مسام غزل الناموسية، يعرف أن الذئب يعجز عن مهاجمته واختراق سياج الشوك الذي حصر به نفسه، لكنه متيقن من مقدرة هذا الذئب العجوز على القفز فوق سياج الشوك والسقوط عليه مباشرة، تمزيقه ثم أكله، كل شيء ممكن، الذئب العجوز يحفر بقوائمه الخلفية خنادق صغيرة وهو يقف مستديرا حول النار. بينما كان يغادر المنزل ليؤسس الخطوة الأولى لرحلته دعت له أمه التومة بأن يحيطه الله برعايته ويعيده سالما غانما ويقيه شر «الكا» آكلة لحوم البشر، بالتأكيد كانت في غيبوبة عن أصلها من جهة جدتها، لولا بعض الحياء لأوصته بألا يقترب من أية امرأة خاصة إذا صادفها في الغابة متهيئة للمواقعة، هكذا يصطاد «الكا» فرائسهم، إذا واقعتها التصقت بها، إذا التصقت بها بظفرها ثقبتك في عدة مواضع، قطعت شريانك والنهاية. كانت لا تريده أن يذهب إلى بحيرة التماسيح؛ لأنها تعلم أنه سيذهب طالما أراد ذلك، لم تقف في طريقه كي لا تصيبه لعنة عقها، هي لعنة عجلها الله في الدنيا قبل الممات؛ لعنتان.
لم يكن في ذهن أمه أبدا هذا الذئب العجوز.
دار دورتين سريعتين حول سياج الشوك ثم اختفى، فجأة عاد مندفعا نحو السياج الشوكي مقذوفا في اتجاه سلطان تيه، في تلك اللحظة أطلق سلطان رصاصة أخطأت الذئب العجوز الجائع، ألحقه رصاصة أخرى.
عوى الذئب عواء حزينا.
अज्ञात पृष्ठ
سقط على بعد أمتار قلائل من سرير سلطان، ثم أطلق على صدره رصاصتين أخريين.
أهل الكهف
لا يدري متى خلد للنوم، عندما استيقظ كانت الشمس على هامات الأشجار، ولأنه ينام في موقع فضاء أصابته أشعة الشمس من اتجاهات عدة، قربه على بعد ثلاثة أمتار ترقد جثة الذئب، قذرة متضخمة وعنيدة، حوله خارج السياج كانوا جميعهم على ما يبدو ذكورا، يحيطون خصورهم بقلائد من الخرز وأنياب الحيوانات المتوحشة ويخفون ما بين السرة وما فوق الركبة بقليل، بجلود أو أردية من النباتات، من أعناقهم تتدلى التمائم، يقفون حول السياج حاملين حرابا لها مقابض طويلة من القنا، البعض يحمل سهاما، البعض يحمل فئوسا وأسلحة بدائية، ينتعلون جلودا سميكة، ربما كانت مصنوعة من جلد فرس البحر أو الجاموس، سود مثله، غير أن قامتهم عالية بعض الشيء وأجسامهم نحيفة متناسقة تشع قوة ورشاقة كأنهم نمر، تقاطيع وجوههم وسيمة قاسية حادة، بدا من الواضح لديه أنهم محاربون من قبيلة بدائية تقيم بمقام ليس ببعيد، سمعوا إطلاق الرصاص أو رأوا لهب النار بالليل، يستطيع أن يؤكد لنفسه أنهم ليسوا أكلة لحوم البشر؛ «الكا» تقيم بعيدا جدا عن هذا الموضع حسب وعيه بجغرافية المكان السكانية، ربما كانوا من قبيلة «لالا».
لكن السؤال الساخن الآن هو: ماذا سيفعلون بي؟ هل سيرمونه بالحراب إذا خرج من ناموسيته ظنا منهم أنه سيبادرهم بالهجوم؟ هل أبدأ أنا بإطلاق النار؟ رصاصتان في الهواء ترعبهم فيهربون فزعا، ثم أهرب أنا بدوري أم أنتظر لأرى رد فعلهم؟ لا، لا، يكون ردي متأخرا بعد فوات الأوان، تريث يا سلطان تيه، تريث، أترى ما سيكون تصرف الصادق الكدراوي إذا كان في ورطتي؟ أإذا كنا معا؟ لا بد أنه سيختلق فعلا يجعلهم يرمون أسلحتهم ويعانقوننا واحدا واحدا، ومن ثم يأخذوننا إلى مساكنهم ويؤمنون لنا الطعام والشراب، ثم يكرموننا بأجمل فتاتين في القرية كعادة كثير من القبائل البدائية في كرمها للضيف. لكن أين الصادق الكدراوي؟ أطلق الرصاص في الهواء، انتظر ... تريث، لا تفعل شيئا، إن كثيرا من القبائل البدائية لها طبع مسالم، أطلق، لا تنطلق، كانوا صامتين كأنهم يستنبطون ما يدور في ذهنه.
بعيدا عن ذهن سلطان تيه كان الصباح جميلا ومشرقا، طيور زرقاء ذات مناقير حمراء ترك على أغصان شوكة، تغرد نغما خفيفا حلوا ثم تطير فجأة نحو الغرب، من بعيد يأتي نشيد المغني؛ طائر صغير الحجم له ذيل طويل، به لونان، في الغالب الأزرق والأبيض، كان نشيده الحلو يعمق براءة الصباح، يزيده بهاء.
سلطان تعلم التفاؤل بسماع المغني منذ أول صباح عانقه بالدغل ولو أنه لم يره غير مرة واحدة نسبة لاختبائه بين أوراق الأشجار العريضة، بعيدا عن وعيه المشوش بالمأساة إيقاع الطبل الآتي من عمق المسافة جميل أيضا، يحتاج لكي يتبول، يعلو صوت الطبل، يقترب، كلما دنا أكثر اتضح صوت الجوقة التي تتبع الإيقاع والنشيد، بأسرع مما توقع ظهرت طلائعهم بين الأشجار الغزيرة.
عندما دخلوا الأرض الفضاء عدهم واحدا واحدا من داخل ناموسيته، كانوا عشرين شخصا من بينهم امرأة جميلة سوداء، تلبس رداء جيد الصنع من الجينز، صدرها عار، عليه ثديان نزقان، تتدلى ما بينهما تميمة كبيرة الحجم من العاج، من بينهم رجل أبيض البشرة يلبس مثلهم، أشقر، عيناه خضراوان كقط، في الحق كانت له عين واحدة، الأخرى مفقوءة، يبدو كما خيل لسلطان تيه أن هذا الأبيض حواري، الحواري كما يعرفه سلطان تيه ليس من الجن بل هو مولود نتيجة طفرة وراثية من أب وأم أسودين، الطفرة هي نتيجة تفاعلات كيميائية أو فيزيائية في الجينات، وهذا بالضبط ما تعلمه من أستاذ الأحياء بالثانوي، لكن قفزت في وعيه مسألة مستر ومسز جيني، يكون هذا من مخلفاتهما؟
انفجر الصمت بوصول القادمين، أخذ الجميع في شرب شيء أتى به القادمون في قرب كبيرة من الجلد وأوعية من القرع والفخار، كانت رائحة المشروب ذكية أثارت فيه شهية الشرب، شهية الشرب كشهية الموت، تبدأ بأكلان في القلب، لا تنتهي إلا بنهاية الجسد.
لا يأبهون به كأنه لم يكن، هو يهتم بكل تفاصيل فعلهم؛ خصلات الأشقر المجنونة، أسنة رماحهم، أطيارهم الراكة على شوكة، ذئبهم أو ذئبه لا فرق، طبلهم الذي صمت ونام على شجرة عرديب طفلة، سمائهم الزرقاء ذات السحيبات البيض الخفيفات، هو نفسه أسيرهم القابع تحت ناموسيته يرغب الموقف ويؤسس لفعل إما أن ينجيه، أو أن يميته، أو أن يخوزقه، والعياذ بالله من الخازوق! لوقوعه في مسافة ما بين النجاة والموت.
وقفت الجماعة لشخص قادم احتراما، ظهر من بين الأعشاب يمتطي حمارا وحشيا أليفا، يلبس رداء ثقيلا حول خصره، تتدلى على جانبي الحمار وعلى صدره تمائم وعقود ، على كتفه فراء ناعم يغطي كثيرا من صدره، من الواضح أن القادم ذو شأن، كان كبيرا في العمر، بدا عليه التعب والإرهاق، برفقة جماعة راجلة وحامرة أيضا. جلس الجميع في دائرة في أحد طرفيها القادم الكهل.
अज्ञात पृष्ठ
وبعد مداولات طالت برطانة لا يفهم سلطان تيه منها شيئا، أزاح المحاربون الشبان الأشواك، قام نفر منهم بجر جثة الذئب إلى حيث الطبل القابع الساكن الساكت تحت العرديبة الطفلة، حدث ذلك برفق شديد، أدى الجمع صلاة صامتة في شكل رقص حزين، أتبعته نقرات خفيفة على الطبل أداها الأبيض الأشقر الأعور، مخلفات آل جيني، أو كما يظن. يبدو أنني قتلت شيئا مهما، شيئا مقدسا.
تورطت يا سلطان تيه.
أين الصادق الكدراوي؟
هل سيقتلونني كما قتلت؟
هل يربطونني لأبناء الذئب ينتقمون مني؟
هل؟ هل؟
أخذ بعض المحاربين يسلخون الذئب، بينما اتجه الرجل الشيخ نحوه، معهم الفتاة الناهد الجميلة، بعض المحاربين وقفوا حوله في حلقة، كان رجلا شجاعا سلطان تيه، وهو يرتعد من الخوف في انتظار المصير المجهول، لا وقت لديه لقراءة التعاويذ أو ذكر أسماء أهل الكهف وكلبهم. بينما هو في شتاته إذا بصوت الفتاة يأتيه بكل وضوح:
Who is there?
بلغة إنجليزية سليمة دون أية لكنة كأنما هي لغتها الأم، أحس بطمأنينة بالغة كأنما قفز من حضن الغول إلى حضن أمه مباشرة، دون مقدمات أزاح الناموسية ببطء، أطل بوجهه نحو الجمع الذين كانت دهشتهم أكبر لتبينهم أنه ليس إلا رجلا أسود مثلهم، وجهه كوجوههم، كل شيء فيه فيهم إلا أسلوب لباسه الذي رأوه من قبل عند مسز ومستر جيني في أيامهم الأولى ورأوه بين حين وآخر يلبسه الصيادون، ورآه من يذهب منهم للمدينة حيث يلبسه الشرقيون، يلبسه الحكوميون الذين كثيرا ما اصطدموا بهم، يلبسه العسكر الحكوميون، رأوا فيه شخصا عاديا، ربما كان صيادا ضل طريقه.
من أنت؟
अज्ञात पृष्ठ
Who are you?
قال إنه باحث أكاديمي في طريقه إلى بحيرة التماسيح لأنه يعد رسالة مهمة عن التماسيح، ضحكت الفتاة فجأة ضحكا أثار غيظه، ضحكا أثار فضول أصحابها، ارتفعت أصواتهم احتجاجا لعدم الفهم، وأنهم يريدون ترجمة فورية لما يقال، نظرت نحو الشيخ المنتظر تفسير ما يضحك، رطنت، وما إن خلصت من القول حتى اندلق الجميع في وحل الضحك، ثم تحدث الكواكيرو، وهو الشيخ بلغة «لالا»، قالت المترجمة لسلطان تيه: «يقول الكواكيرو إنك صائد تماسيح، وإنك صائد ماهر وقتلك للحارس دليل.» أكد سلطان تيه أنه دارس أكاديمي، استمات في برهنة ذلك لأنه يعلم أن الدغليين لا يحبون اثنين: سلطات الشرق، والصيادين.
طلب منهم فحص متعلقاته، طلب منه الكواكيرو أن يعطيهم السلاح الذي قتل به الحارس، أمن المسدس بهدوء وأعطاه للفتاة، ناولته بدورها للكواكيرو، قلبه يمنة ويسرة، بكل حرفية أخرج خزانة الرصاص، ثم أعطى المسدس والخزانة لأحد المحاربين، وضعه في سلة من السعف، قاموا بفحص معداته بدقة متناهية، فحصوا كفتي يديه وكتفه، وجدوا علب طعام محفوظة، وجدوا كتبا بها تماسيح مصورة، كاميرا، فأس صغيرة، مدية صغيرة، أقلام، لم يجدوا أنيابا نادرة أو عاجا أو جلد حيوان نفيس، أو مصل حية.
ولكنك قتلت الحارس.
أتدري ما عقوبة ذلك إذا كنت صيادا؟
لكنك طالب علم.
نحن نقدر لك ذلك، ولو أنك تدرس شيئا تافها لا فائدة منه، ترجو شيئا تسكنه خمسون روحا شريرة.
لكنك قتلت الحارس.
نعرف أنه لولا قتلك له لقتلك، أنت تدافع عن نفسك نعرف ذلك.
لكن هذا لا يسقط عنك عقوبة قتل الحارس، فأنت قتلت الحارس.
अज्ञात पृष्ठ
عقوبة ذلك في العادة أن تحل روحه فيك، وأن يحل جسده فيك.
أما روحه فإنها في اللحظة التي قتلته فيها دخلتك.
أما جسده، نقوم بحبسك أعلى الجبل إلى أن تأكل آخر قطعة منه، عندها سيحل جسده فيك، حينها سنطلق سراحك مذءوبا.
أولا: سارت مجموعة المحاربين الشبان يحملون شرائح لحم الذئب على عصي طويلة من البامبو، كل اثنين يحملان قناة واحدة طويلة، تتدلى على جوانبها شرائح اللحم تقطر دهنا، كان حيوانا شحما، تبعه حامل الإيقاع، الرجل الأبيض ذو العين الواحدة القطية والخصلات الشقراء، يقرع الطبل بإيقاع حزين ممل خفيض. ثم سلطان تيه على ظهره حاجياته كلها، خلفه مجموعة من المحاربين الشبان يحملون حرابهم وعصيهم، يغنون لحنا حزينا موقعا بطبل الرجل الأشقر الأعور، أصواتهم تعلو فجأة حتى تصبح الهتاف ثم تنخفض فجأة لتصير الهمس.
همسا عميقا.
وفي حركة أخرى تتدرج أصواتهم ما بين الهمس والهتاف، تتنقل من الأول للأخير بكل سلاسة وحرفية، ثقافتهم في مجال الغناء والموسيقى أحلى وإلا وجد اسما مناسبا لما يقومون بأدائه، أما الآن فهو يسمي ذلك «هارموني» أو يسميه تماهيا، لو استطاع أن يمتع نفسه بذلك دون تعارف لتمكن من طرد كثير من السؤالات السوداء.
كيف تتحدث هذه الصبية المتخلفة اللغة الإنجليزية وكأنها لغتها الأم؟ لكن عندما هدأت أعصابه قليلا اطمأن قلبه، عاد وربط ذلك بمستر ومسز جيني.
ما هو مصيري؟ أنت في ورطة، هل سأخرج سالما من هذه الورطة؟
ما بين القرية والغابة أرض تخلو من الأشجار الضخمة، لكنها مغطاة تماما بالأعشاب الناعمة ذات الأشواك الدقيقة، بعض المهوقنيات والتك في أعمار صغيرة. بدت له القرية من على البعد قبابا صغيرة مصنوعة من مادة بنية، شكلت لها خلفية طبيعية في هضبة عالية خضراء عليها الأشجار زاهية الخضرة تحرسها، وكما هو موضح في الخريطة يوجد منبع مائي صغير أعلى الهضبة، ها هو الجبل يفوق تصوره، في الحق لم تكن لديه تصورات سابقة عن المكان، كل تصوره كان ينصب على بحيرة التماسيح، موقعها بين الجبال، شكلها، مائها، تماسيحها، رمال التماسيح البيضاء الباردة تحتها يرقد بيضها، كاميرته تسجل حركة التماسيح وعلاقتها الأسرية والجنسية والغذائية، الآن وجد نفسه في موقف يجبره على إجلال جمال المكان وإحساس تفاصيل عظمتها، كلما اقترب أكثر من القرية تميزت الألوان الحجرية الزاهية التي طليت بها الكهوف. ثم جاء أطفال القرية كأنهم النعام بسوقهم الغبشاء وأعينهم النجلاء، رءوسهم عليها قنابيرهم، ليسوا كما رأى من أطفال، كانوا هادئين طيبين، لاحظ ذلك عندما اقتربوا من موكب المحاربين، جلسوا على جانبي السبيل على العشب احتراما لموكب الكبار، ولو أنهم شحنوا بالفضول، كانوا يحملقون في لحم الذئب وقاتله بعيون سئولة وحب استطلاع يكبته الأدب والطقس، هكذا تراصوا إلى مدخل القرية، النسوة الجميلات حزانى يجلسن على قارعة الطريق أيديهن على رءوسهن، أنغام الإيقاع القطي الحزين، يبكين، يصدرن مواء عميقا جعله يحس حقيقة الجرم الذي ارتكبه، ثم يعلو صراخهن ونقعهن عندما يمر أمامهن موكب لحم الحارس المقتول، دن، دم دم، دم، دن، دم دم، دن ...
كان الرجل الأبيض ذو العين القطية جميلا يدق الطبل.
अज्ञात पृष्ठ
حزينا جدا ...
طاف الموكب الحزين كثيرا أزقات القرية، نهرته كلابها، هربت من بين أرجل المتكوكبين، دجاجاتها البرية المستأنسة وهي «تكيك»، إلى أن توقف أخيرا أمام دار ذات فناء متسع، دخل اللاحمون بذئبهم، دخل هو، كان شجاعا وهو يحس برعدة الخوف تصعقه في عمق السؤال، ذات السؤال الجبان؛ بئس المصير! أنت في ورطة.
ماذا سيفعلون بي؟
أين الصادق الكدراوي؟
وبدخوله واللاحمين في الدار ذات الفناء المتسع، تفرق المحاربون، تفرقت النائحات يتبعن صغارهن النعام، أصواتهن تختفي تدريجيا، تتلاشى تماما.
وسط فناء الدار توجد مظلة كبيرة من البامبو مسقوفة بحصير ناعم بدقة وأناقة ذكرته بالكنيسة التي في أحد أحياء المهجرين في الشرق، توجد بالمظلة مقاعد خشبية مصنوعة من حطب العرديب والمهوقني، بعض الشيوخ يجلسون بالمكان، طلبوا منه إنزال ما بظهره، أن يجلس على أحد المقاعد الخشبية، أن يشرب ما قدم إليه، أن يستمع للقول المترجم بواسطة الناهد، أن يرد، أن يقال إليه أخيرا: اتبع هذين المحاربين إلى كهفك، هنالك أعلى الهضبة.
يخرج وعلى ظهره حاجياته، لمح ما يشبه عربة جيب في مظلة من البامبو عند ركن بعيد بالدار، من جاء بعربة كهذه هنا؟ ماذا يفعل هؤلاء البدائيون بها؟ لا تشغل نفسك بأمور جانبية يا سلطان، الأهم كهفك، ذئبك، سجنك، بحثك، طعامك، فليكن الجيب أو فلتكن طائرة نفاثة، لا تشغل نفسك، لا، لا ...
الناهد ذات الصدر العاري بارعة جدا في التحدث باللغة الإنجليزية، ذات مهارات ترجمانية عالية، كانت تستخدم اصطلاحات لا يعرفها هو القارئ المواظب على اللغة الإنجليزية، وكثيرا ما كان يردد: آسف، آسف.
تعيد صياغة السؤال بلغة أسهل، كلمات أبسط، ولو أنها كانت لا تدري أية لغة هي الأسهل وأيها ... المهم كانت تقوم باستعمال مترادفات تسهل علي معرفة السؤال بالتالي الإجابة. هي جميلة، جامحة، رشيقة، ينقصها فقط شخص كالصادق الكدراوي ليقيس مدى تماشي مؤهلها الجمالي الظاهر مع ... الإمتاعية، أو كما يسميها الكدراوي: إيقاعها السري ما دون السري.
سوداء، ربما كانت أكثر سوادا منه، بشرتها ناعمة ملساء ذات لمعان خفيف ساحر كأنها مدهونة بزيت سحري، جميلة في زيها البسيط المكون من رداء الجينز الأزرق الباهت والخرزات الملونة، قالت له وهما يسيران خلف المحاربين: أنت ستبقى بالكهف دون حراسة، يجب عليك ألا تحاول الهرب؛ لأن القبيلة تحيط بالجبل بيوتها، لأن الذئاب تحيط بالقبيلة، لأن برم بجيل يحيط بالذئاب. أنت بغير سلاحك فمن ينجيك؟ لعنة الحارس تطاردك دائما، طالما لم تكن أنت جسده؛ لأن روحه تريد أن تستقر في جسده هو، بالذات جسدك أنت.
अज्ञात पृष्ठ
أنا لا أفهم شيئا ...
قالت الحسناء ذات الجينز الباهت: عليك أن تأكل كل قطعة من لحمه يؤتى إليك بها، عليك أن تفترش جلد الذئب لحافا لك، عليك أن تحتفظ برأسه معلقة على باب كهفك، عليك أن تلبس نابيه قلادة، عليك ثم عليك ...
كان تعبا مرهقا من جراء المشوار الطويل والحمل والخوف من مفاعيل المشروب في جسده، فلم يقل شيئا ...
فقط يريد أن ينام.
لا أكثر ...
يريد أن ينام، آه! همم، م، م م ...
يقع الكهف في قمة الهضبة، كهفا كبيرا، حفر في صخر ضخم، لا يستطيع سلطان تيه أن يتخيل مجرد تخيل كيف حفر هذا الكهف، من الذي حفره، لماذا، في الحق الدغليون أنفسهم لا يعرفون تاريخا أو حدثا أو شخصا يؤرخ لهذا الكهف، لكنهم يعرفون كيف يستخدمونه. غمره إحساس أولي بأن هذا الكهف هو مسكن ما يعرفهم بأهل الكهف، لو أنه مدرك في وعي حقيقي أن أهل الكهف كانوا على بعد آلاف الأميال من هذا الموقع، على مدن ترقد، نحو البحر الأبيض المتوسط. في قمة الهضبة أرض مسطحة متسعة تمتد على مدى ما يبصر، بها غابات وجبيلات، مجار مائية، حيوانات، عين أو بحيرة، قرأها في الخريطة، وما لم يعلم ...
ليس لديه ما يقوله لها، لا شيء، فقط يريد نوما هادئا عميقا، عندما أستيقظ فليطعمونني عظام الذئب لا أبالي.
كان شجاعا وهو يحس بفراغ الكهف يسري في قلبه، كالأكلان البارد المرعب، كما لو أن حية انزلقت على ظهره وهو عار، كان يخاف في شجاعة منقطعة النظير رهبة الفراغ.
في هذا الركن كما ترى كومة من الحطب الجاف، بإمكانك استخدامها للتدفئة وطرد البعوض والذبابة الرملية وذبابة النوم، توجد بكثرة في هذه البلدة، تحتاج النار للإضاءة، يقول الجد برمبجيل: الضوء رجل شجاع، حارس أمين، وامرأة لا تكذب.
अज्ञात पृष्ठ