تعلمت تسع تعويذات قوية ...
كان «أودين» هو إله «الصيد البري». كما كان أيضا «الجيش الغاضب». وهو جيش طيفي من الرجال المسلحين والصائدين، الذين يمتطون أحصنتهم ويصطحبون كلاب صيدهم، وينطلقون عبر السماء. لا يتعبون ولا يتوقفون أبدا؛ فبينما كانت الأبواق تعوي في الرياح، وحوافر الخيل تضرب، كانوا يحومون في مجموعات خطيرة تدور وتنعطف كأسراب طيور الزرزور الوحشية. كان لحصان «أودين»، «سليبنير»، ثماني أرجل، وكان ركضه مدويا كالرعد. في الليل، كانت الطفلة النحيلة داخل غرفة نومها المعتمة تسمع أصواتا في السماء، وأنينا بعيدا، وصوت الأزيز والخفقان العنيف لمراوح الطائرات، وصوت الرعد وهو يمر فوقها مباشرة ثم يختفي. لقد حدثت مشاهد التحطم واندلاع الحريق على مرأى ومسمع منها عندما قصف مهبط الطائرات القريب من بيت جدها وجدتها. واختبأت مرتعبة في خزانة أسفل السلم مثلما علم الناس أن يختبئوا، ويستلقوا منبطحين على الأرض، أثناء مرور «جيش الصائدين». كان «أودين» هو إله الموت والمعارك. لم يكن هناك الكثير من حركة المرور عبر أطراف المدينة الصغيرة التي تعيش فيها الطفلة النحيلة. معظم ما كان موجودا يشار إليه باسم «القوافل»، وهي كلمة اعتقدت الطفلة النحيلة أنها مرادفة لمواكب المركبات ذات اللون الكاكي، وهي تهتز وتسحق الأرض أثناء مرورها. كان بعضها يحمل شبانا يجلسون في مؤخرة الشاحنات، يبتسمون للأطفال الملوحين، ويهتزون مع حركة الشاحنات. كانوا يجيئون ويذهبون. ولم يعلم أحد إلى أين أو من أين. لقد كانوا «رجالنا». تخيلت الطفلة والدها وهو يحترق في السماء فوق شمال أفريقيا. لم تكن تعلم أين تقع شمال أفريقيا. تخيلته بشعره الأصهب المتوهج وهو يحترق داخل طائرة سوداء، وصوت مراوح الطائرة يضج في السماء. كان الطيارون هم «الصائدين البريين». كانوا خطرين. ولو سقط أي صائد عن جواده، يتفتت إلى غبار، هكذا قرأت الطفلة. كانت قصة جيدة، وذات معنى؛ فهي تمزج بين الخوف والخطر، والأشياء الخارجة عن السيطرة.
في النهار، هناك الحقول المشرقة. أما في المساء، فقد كان الهلاك يدمدم في السماء. (6) الذئب ما هو إلا إنسان
ثم كان هناك «لوكي». وهو كائن لم يكن من الآلهة «الإيسير» ولا العمالقة «سلالة يوتن». ولم يكن يعيش، لا في «أسجارد» ولا «يوتنهايم». كانت «الإيسير» محددة الهدف. فالذكور منهم يركزون على المعارك والطعام، بينما تركز الإناث على الجمال، والغيرة، والخواتم والقلادات. وقد عاشت الجميلة «إيدونا» في الغصون «إجدراسيل» الخضراء وزرعت تفاح الشباب البراق، الذي كانت تطعمه للآلهة. ذات مرة، عندما أمسك عملاق ب «إيدونا» وتفاحها، اتخذ «لوكي» شكل صقر وحملهما بمخالبه إلى المنزل. كان «لوكي» وحده، من بين الآلهة، هو من يمكنه تغيير هيئته. كان يركض عبر مروج «ميدجارد» على هيئة فرس جميل. جذب هذا الوحش الجميل انتباه الفرسة السحرية للعملاق الذي بنى جدران «أسجارد» بشدة، حتى إنها أنجبت لاحقا «سليبنير»، فرس «أودين» ذا الثماني أرجل. واتخذ «لوكي» هيئة ذبابة مزعجة، سرقت قلادة «فريا» الذهبية، «بريسينجامن». ذلك حيث كان على دراية بالأماكن السرية.
كان يتنكر في هيئة مزارعة بريئة تحلب الأبقار، وكان بإمكانه تغيير جنسه مثلما يغير هيئته. كان مخادعا. وقد صارع نافخ البوق «هايمدال» في هيئة فقمة. واتخذ هيئة سمكة سلمون تقفز فوق الشلالات، أو تنزلق بسلاسة تحت سطح الماء.
اعتقد الألمان أن اسمه كان مرتبطا باللهب والنار، «لوهي»، «لوجي»، «لوجاي». كان يعرف أيضا باسم «لوبتر»، إله الهواء. ولاحقا دمج الكتاب المسيحيون بينه وبين «لوسيفر»، أو «لوكيفر»، حامل النور، والابن العاصي للصباح، العدو. كانت الروايات تؤكد دائما أنه جميل، ولكن جماله من الصعب تحديده أو رؤيته، وهذا لأنه كان دائم البريق، والوميض، والذوبان، والامتزاج، وهو على شكل لهب عديم الشكل، وكان الخيط المعاكس للأشكال الإبرية التي ترى في الكتلة الضخمة للشلال العديمة الشكل. كانت الريح غير المرئية التي دفعت السحاب في مجموعات كبيرة أو شرائط رقيقة. يمكنك أن ترى شجرة جرداء في الأفق محنية بفعل الرياح، وتحمل أغصانا ملتوية وفروعا محنية، ولكن فجأة تتحول هيئتها غير محددة الشكل إلى المخادع «لوكي».
كان مسليا وخطيرا، وفي الوقت نفسه لم يكن طيبا ولا شريرا. أما «ثور» فقد كانت شخصيته أشبه بمتنمر الفصل الذي ارتقى مستواه إلى إحداث الرعد الهادر والأمطار الجارفة. كان «أودين» هو القدرة والنفوذ، وهو من يسير الأمور. أما «لوكي» المتحور المراوغ، فهو يشع دهشة ويمتع نفسه.
كان الآلهة يحتاجون إلى «لوكي» لأنه ذكي وضليع في حل المشاكل. عندما يحتاجون إلى نقض الصفقات التي أبرموها بتهور مع العمالقة في أغلب الأوقات ، فإن «لوكي» هو من يساعدهم في التملص منها. كان إله النهايات. وكان يقدم الحلول التي تنحل بها عقدة الحكايات إذا أراد ذلك. ولكن غالبا ما كانت النهايات التي يختارها تؤدي إلى المزيد من المشاكل.
لم تبن المذابح ل «لوكي»، ولم تنحت التماثيل له، ولم يكن معبودا. كان في الأساطير هو الثالث والأخير في الثالوث، الذي ضم كلا من «أودين» و«هودير» ولوكي. في الأساطير، دائما ما يأتي الأهم أولا في ترتيب الثالوث. لكن في القصص الخيالية والفولكلورية، التي تلعب فيها هذه الآلهة الثلاثة أدوراها أيضا، تختلف قاعدة الثلاثة؛ إذ يصبح اللاعب الأهم هو اللاعب الثالث؛ ألا وهو الابن «الأصغر»: «لوكي».
كانت له زوجة تحبه في «أسجارد» اسمها «سيجين»، وابنان: «فالي» و«نارفي».
अज्ञात पृष्ठ