रहमान और शैतान
الرحمن والشيطان: الثنوية الكونية ولاهوت التاريخ في الديانات المشرقية
शैलियों
The Literary Trope of Return - A Reply to Firas Sawah
أي: العودة من السبي كمجاز أدبي - رد على فراس السواح.
الكتاب يشبه الكائن الحي في دورة حياته؛ فهو يولد ويعيش مدة ثم يختفي ولا تجده بعد ذلك إلا في المكتبات العامة، ولكن بعضها يقاوم الزمن وقد يتحول إلى كلاسيكيات لا تخرج من دورة التداول. وقد أطال القراء في عمر مؤلفاتي حتى الآن، ولم يختف أحدها من رفوف باعة الكتب، أما تحول بعضها إلى كلاسيكيات فأمر في حكم الغيب.
فإلى قرائي في كل مكان، أهدي هذه الأعمال غير الكاملة مع محبتي وعرفاني.
فراس السواح
بكين، كانون الثاني (يناير) 2016
فاتحة
إن مفهوم التوحيد الذي صاغته الديانات المشرقية بشكل خاص في سياق الألف الأول قبل الميلاد، يترافق مع صعوبة ذات طبيعة فكرية وعاطفية في آن معا، ذلك إن الإيمان بإله واحد هو علة الوجود، والمتحكم بجميع مظاهره، يجعل مشكلة وجود الشر في العالم بدون حل ابتداء؛ فلقد كان من السهل تعليل الشر في المعتقدات الوثنية التعددية بأنه نتاج تناقض أهواء الآلهة ومقاصدها، أو بأنه نتيجة طبيعية لوجود آلهة خيرة وأخرى شريرة. أما في معتقد التوحيد الذي يترافق مع تصور لله على أنه كلي القدرة وكلي المعرفة وكلي الحضور، وعلى أنه منبع العدل والخير، فإن تعليل الشر يغدو بمثابة المهمة الأولى والملحة المطروحة أمام أي معتقد توحيدي، كما أن طريقته في الإجابة عن أسئلة مثل: كيف ينشأ الشر عن الخير؟ أو لماذا يسمح الخير المحض بوجود الشر؟ هي التي تحدد موقع هذا المعتقد من المعتقدات التوحيدية الأخرى، وترسم تصوره الخاص لبنية الحقيقة، ولعلاقة الله بالكون وبالإنسان.
ولقد حلت معتقدات التوحيد هذه الصعوبة على أربعة أوجه، يصر الحل الأول على مفهوم صارم للتوحيد يستبعد أية قوة ما ورائية حرة ومسئولة وتنشط في استقلال عن الله، يمكن أن ينسب إليها وجود الشر، وينجم عن ذلك بشكل منطقي في أن ينسب الشر إلى الله مثلما ينسب الخير إليه، فهو صانع الخير والشر أيضا، يسيرهما وفق خطة خفية عن أفهام البشر، وهذا هو حل المعتقد التوراتي، الذي يعبر عنه النبي إشعيا كأوضح ما يكون في قوله على لسان يهوه: «أنا الرب وليس آخر، مصور النور وخالق الظلمة، صانع السلام وخالق الشر، أنا الرب صانع كل هذا» (إشعيا، 45: 6-7). وذلك مع الأخذ بعين الاعتبار بأن التوحيد التوراتي لم يصل مرتبة التوحيد العالمي الشمولي، بل بقي ضمن مفهوم «وحدانية العبادة»، أي عبادة إله قومي واحد مع عدم إنكار وجود آلهة الشعوب الأخرى.
يجعل الحل الثاني من الله كيانا مفارقا يسمو فوق الخير والشر، ولكنه رغم سموه يقف إلى جانب الخير ويدعمه في مقابل الشر. ولقد ظهر الخير والشر إلى الوجود نتيجة خيار بدئي حر، عندما صدر عن الواحد الأزلي روحان توءمان اختار أحدهما الخير واختار الآخر الشر، ودخلا في تنافس وصراع. وهذا هو حل المعتقد الزرادشتي.
अज्ञात पृष्ठ