रहमान और शैतान
الرحمن والشيطان: الثنوية الكونية ولاهوت التاريخ في الديانات المشرقية
शैलियों
ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين (الأعراف: 19).
فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى * إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى * وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى (طه: 117-119). ولكن الشيطان الذي حلت عليه لعنة ربه بسبب آدم، جاء إلى آدم ووسوس إليه مزينا له الأكل من الشجرة:
فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى * فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى * ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى * قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى * ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا (طه: 120-124).
وفي آية أخرى يوسوس الشيطان إلى الزوجين معا:
فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين * وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين * فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين * قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين * قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين (الأعراف: 20-24). ولكن رحمة الله ترافقت مع غضبه، فما لبث طويلا حتى غفر للإنسان خطيئته:
فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين * فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم (البقرة: 36-37).
نلاحظ من الآيات الكريمة التي أوردناها أعلاه عددا من النقاط الأساسية التي تميز الرواية القرآنية عن الروايات الكتابية الأخرى. فالشيطان قد وسوس إلى آدم أولا، ثم إلى الزوجين معا، ثم إن الاثنين قد أكلا من الشجرة، دون الإشارة إلى من كان البادئ بالأكل والمحرض عليه. وبذلك فقد برأ القرآن الكريم المرأة من التحريض على المعصية الأولى، وألقى اللوم على الطرفين معا، ثم إن الله لم يلعن الإنسان بسبب معصيته، ولم يلعن الأرض بسببه، بل طرده من الجنة إلى الأرض ليحصل فيها قوته بالكد والعتب. وأعلن منذ البداية التزامه بهدايته وخلاصه:
قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون (البقرة: 38). كما أن الله قد سامح الإنسان وغفر له ذنبه ما إن دعاه وطلب غفرانه. وهذا يعني أن مفهوم الخطيئة الأصلية غير موجود في المعتقد القرآني، وأن نسل الإنسان لم يرث خطيئة آدم لينوء بها عبر تاريخه، بل هو قادر على تحقيق خلاصه بمجرد الإيمان بالله تعالى والإخلاص له. (1-6) إبليس
كان إبليس من الملائكة على ما تفيده صيغة الاستثناء المستخدمة في قصة سقوطه، فقد أمر الله الملائكة بالسجود لآدم فسجدوا إلا إبليس. ولكننا في سورة طه نجد أنه من قوم الجن ولم يكن من الملائكة. ويبدو أنه كان رئيسا على الجن، على ما يذهب إليه بعض المفسرين.
11
अज्ञात पृष्ठ