मध्य युग में मुस्लिम यात्री
الرحالة المسلمون في العصور الوسطى
शैलियों
ومما ذكره ابن بطوطة في معرض الحديث عن مهارة أهل الصين في التصوير أن عادتهم أن يصوروا كل من يمر بهم من الغرباء «وتنتهي حالهم في ذلك إلى أن الغريب إذا فعل ما يوجب فراره عنهم بعثوا صورته إلى البلاد، وبحث عنه، فحيثما وجد في تلك الصورة أخذ».
ولابن بطوطة إشارات طريفة إلى عادة رجال الإدارة والبحرية في تقييد أسماء البحارة ورجال السفن قبل الإذن لها بالسفر، فإذا عادت «صعدوا إليها وقابلوا ما كتبوه بأشخاص الناس، فإذا فقدوا أحدا ممن قيدوه طالبوا صاحب المركب به، فإما أن يأتي ببرهان على موته أو فراره أو غير ذلك مما يحدث له، وإلا أخذ فيه، فإذا فرغوا من ذلك أمروا صاحب المركب أن يملي عليهم تفصيلا بجميع ما فيه من سلع قليلها وكثيرها. ثم ينزل من فيه، ويجلس حفاظ الديوان لمشاهدة ما عندهم. فإن عثروا على سلعة قد كتمت عنهم عاد جميع ما فيه مالا للمخزن».
وأشار ابن بطوطة إلى ما كان للمسلمين من امتيازات في الصين، فقال: «ولا بد في كل بلد من بلاد الصين من شيخ الإسلام، تكون أمور المسلمين كلها راجعة إليه، وقاض يقضي بينهم.» وذكر أن كل مدينة من مدن الصين كان فيها حي للمسلمين يسكنونه ويتخذون فيه المساجد، وأن الحكومة كانت تعنى بمراقبة التجار المسلمين وضمان أموالهم التي يدخلون البلاد بها، بحيث لا يمكنهم إنفاقها في الفساد. وكان أولو الأمر في الصين حريصين أشد الحرص على ألا يقال: إن المسلمين يخسرون أموالهم في الصين.
وأعجب ابن بطوطة ببيوت أهل الصين فقال: «وجميع بلاد الصين يكون للإنسان بها البستان والأرض وداره في وسطها كمثل ما هي بلدة سجلماسة ببلادنا. وبهذا عظمت بلادهم.» كما أعجب ببعض منشآت الشؤون الاجتماعية ولا سيما بمعبد كبير شاهده في مدينة «جيني كلان» كان فيه بيوت لسكن الضريرين وذوي العاهات وفيه مستشفى كبير. وكان الأيتام والأرامل والشيوخ الذين لا قدرة لهم على التكسب يحصلون من هذا المعهد على ما يلزمهم من النفقة والكسوة. وطبيعي أن المعهد كانت له أوقاف غنية.
ويبدو من رحلة ابن بطوطة أن المسافرين المسلمين القادمين إلى الصين كانوا يلقون من بني دينهم في تلك البلاد أعظم الترحيب والإكرام. من ذلك أن ابن بطوطة، حين وصل إلى مدينة قنجنفو، خرج إليه القاضي وشيخ الإسلام والتجار ومعهم الأعلام والطبول والأبواق والأنفار وأهل الطرب، وأتوه بالخيل، فركب ومشوا بين يديه ولم يركب معه غير القاضي والشيخ. وكان المسلمون في البلاد الصينية التي ينزلها ابن بطوطة يقيمون له الولائم، ويقدمون له الهدايا ويصحبونه إلى رحلات في القوارب ومعهم المغنون والموسيقيون، يغنون بالصينية والعربية والفارسية.
نقلا عن كتاب «مهذب رحلة ابن بطوطة».
ومن أعلام المسلمين الذين لقيهم ابن بطوطة في بلاد الصين أسرة مصرية الأصل نزل بدارها في مدينة «خنسا ». قال الرحالة: «ونزلنا منها بدار أولاد عثمان بن عفان المصري. وكان أحد التجار الكبار؛ استحسن هذه المدينة فاستوطنها. وعرفت بالنسبة إليه، وأورث عقبه بها الجاه والحرمة، وهم على ما كان عليه أبوهم من الإيثار على الفقراء والإعانة للمحتاجين. ولهم زاوية تعرف بالعثمانية حسنة العمارة لها أوقاف كثيرة. وبنى عثمان المسجد الجامع بهذه المدينة، ووقف عليه وعلى الزاوية أوقافا عظيمة. وعدد المسلمين بهذه المدينة، وكانت إقامتنا عندهم خمسة عشر يوما، فكنا كل يوم وليلة في دعوة جديدة، ولا يزالون يحتفلون في أطعمتهم، ويركبون معنا كل يوم للنزهة في أقطار المدينة.»
ومن غريب ما ذكره ابن بطوطة عن نظم التأمين الاجتماعي في الصين أن «العامل أو الصانع كان يعفى من العمل، وتنفق عليه الحكومة إذا بلغ الخمسين، وأن من بلغ ستين سنة عدوه كالصبي فلم تجر عليه الأحكام». •••
وعاد ابن بطوطة من الصين معرجا على سومطرة، حيث حظي بضيافة سلطانها الملك الظاهر وأتيح له أن يشهد أعراس ابنه وولي عهده مع بنت أخيه، ولاحظ أن الزفاف بدأ بخروج العروس «من داخل القصر عل قدميها بادية الوجه، ومعها نحو أربعين من الخواتين يرفعن أذيالها من نساء السلطان وأمرائه ووزرائه، وكلهن باديات الوجوه، ينظر إليهن كل من حضر من رفيع أو وضيع. وليست تلك أهل الطرب رجالا ونساء يلعبون ويغنون؛ ثم جاء الزوج على فيل مزين، على ظهره سرير، وفوقه قبة والتاج على رأس العروس المذكور، عن يمينه ويساره نحو مائة من أبناء الملوك والأمراء قد لبسوا البياض وركبوا الخيل المزينة وعلى رؤوسهم الشواشي المرصعة وهم أتراب العروس، وليس فيهم ذو لحية. ونثرت الدنانير على الناس عند دخوله. وقعد السلطان بمنظرة له يشاهد ذلك. ونزل ابنه فقبل رجله، وصعد المنبر إلى العروس فقامت إليه وقبلت يده. وجلس إلى جانبها والخواتين يروحن عليها ...»
ولم يشأ ابن بطوطة أن يعود إلى دلهي ثانية واستأنف أسفاره إلى الخليج الفارسي والعراق. ولقي في بغداد بعض المغربة. فعرف منهم الهزيمة التي حلت بأبي الحسن سلطان المغرب في قتال الفونس الحادي عشر ملك قشتالة. (وكان ذلك على مقربة من طريف سنة 741ه/134م) كما علم بسقوط الجزيرة الخضراء في يد الأسبان المسيحيين سنة 743ه/1342م. •••
अज्ञात पृष्ठ