मध्य युग में मुस्लिम यात्री
الرحالة المسلمون في العصور الوسطى
शैलियों
Broadway Travellers
سنة 1929 قدم له بتصدير طيب تحدث فيه عن الرحالة وعصره.
ولعل بعض الاضطراب في أخبار ابن بطوطة يرجع إلى أنه لم يدون رحلته بنفسه، وأن ابن جزي عدل في بعض أخبارها وغير فيها بالحذف أو الإضافة، بعد أن راجع طائفة من كتب الأسفار الأخرى، حتى جاءت بعض الأخبار بعيدة عن الدقة، ولا سيما أحاديث ابن بطوطة عن الصين: فاتهمه بعض النقاد بأنه لم يصل إلى تلك البلاد كما زعم في رحلته. ولكنا لا نميل إلى تأييد هذا الاتهام كل التأييد؛ لأن معظم تلك الأحاديث يدعمها ما نعرفه عن رحلة ماركو بولو، الذي زار الصين أيضا، ومكث فيها حول سبعة عشر عاما، ثم أملى أخبار رحلته على كاتب آخر، وتوفي قبل أن يقوم ابن بطوطة برحلته الأولى بسنة واحدة.
وقد أشار الدكتور حسين فوزي في كتابه «حديث السندباد القديم» (ص 118-119) إلى قصة نزول ابن بطوطة ببلاد طوالسي في المحيط الهادي، ولاحظ أن وصفه تلك البلاد - ولا سيما نساءها - ذو صلة بأسطورة جزيرة النساء وأسطورة الوقواق. وقال: إن تلك القصة من الحكايات التي دعت كثيرا إلى التشكك من سفر ابن بطوطة إلى بلاد الصين وأنه ليس ببعيد أن يكون حديثه عن «أودجا» ملكة تلك البلاد «نوعا من السطو البري على قصة علقت بذهن ابن بطوطة من مطالعاته عن البلاد التي في شرق الصين ونسبها إلى نفسه».
وفي رأينا أن هذه القصة وغيرها من القصص الغريبة قد تحملنا على أن نشك في صحة بعض ما نسبه ابن بطوطة إلى نفسه، ولكنها لا تكفي لأن نشك في صحة سفره إلى تلك البلاد. والحق أن ما كتبه عن الصين يبدو قائما على أسس من المشاهدات الشخصية، ويجب ألا ننسى في هذه المناسبة أن مثل هذه الرحلة إلى الصين كانت أمرا ميسورا لابن بطوطة بوصفه سفير سلطان دلهي. وإذا كان حديثه عنها بعيدا عن الإسهاب والإطالة، فلعل السبب في ذلك أنه لم يكن يستطيع أن يتذكر السماء الصينية أو أن ابن جزي محرر الرحلة أمعن في اختصاره لسبب من الأسباب.
ومهما يكن من الأمر فإننا نشعر حين نقرأ رحلة ابن بطوطة أن ثمة أجزاء عليها طابع المبالغة، ونرجح أن الرحالة خصب الخيال، وأنه قد يكون مصداقا للمثل المشهور في بعض اللغات الأوروبية
A beau mentir qui vient de join
ومعناه أن القادمين من البلاد البعيدة لهم أن يختلفوا ما شاءوا، إذ لا رقيب عليهم. ولكن ليس في هذا ما ينقص من شأن ابن بطوطة ورحلته. وحسبنا أن نتبعها مرحلة مرحلة، لنقف عند بعض أجزائها الطريفة، مما يصف ظاهرة اجتماعية غريبة أو يثبت وجود نظم نظن أنها من مستحدثات العصر الحاضر. •••
غادر ابن بطوطة بلاد المغرب الأقصى إلى الأراضي الحجازية، فمر ببلاد الجزائر وتونس وطرابلس. والظاهر أن هذا الطريق البري لم يكن أمينا كل الأمن؛ فقد علم الرحالة من صديق له بضرورة الإسراع في السير خوف غارة العرب في الطريق، وحدث بعد ذلك أن أرادت طوائف الأعراب الإيقاع بالركب قبل الوصول إلى الحدود المصرية. وحرص ابن بطوطة على أن يحدثنا عن بعض شؤونه الخاصة في هذه المرحلة الخاصة في هذه المرحلة فأملى ما يأتي: «ووقع بيني وبين صهري مشاجرة أوجبت فراق بنته وتزوجت بنتا لبعض طلبة فاس وبنيت بها بقصر الزعافية، وأولمت وليمة حبست لها الركب يوما وأطعمتهم.»
ثم وصل إلى الإسكندرية ووصفها وصفا موجزا ولا سيما المنار وعمود السواري، وتحدث بشيء من الإسهاب عمن زارهم من علمائها، ومنهم الإمام الزاهد برهان الدين الأعرج الذي توسم فيه حب الرحلة والأسفار، فأوصاه إذا ذهب إلى الهند أو الصين أن يزور إخوانا سماهم له. وشجع ذلك ابن بطوطة على التفكير في التوجه إلى تلك البلاد القاصية. على أننا لا نشك في أنه لم يكن منذ البداية يقصد الحج فحسب، بل كان يزمع التجول في العالم الإسلامي، كما يظهر من قضائه عدة شهور في الطريق إلى الإسكندرية، ومن تعريجه على مدن في الدلتا بعيدة عن الطريق العادي إلى القاهرة.
अज्ञात पृष्ठ