मध्य युग में मुस्लिम यात्री
الرحالة المسلمون في العصور الوسطى
शैलियों
إلى أفق ناء يقصر بالركب
كذلك كتب في تلك المقدمة: «ولكل إقليم عجائب يقتصر على علمها أهله. وليس من لزم جهة وطنه، وقنع بما نمى إليه من الأخبار عن إقليمه، كمن قسم عمره على قطع الأقطار، ووزع أيامه بين تقاذف الأسفار، واستخراج كل دقيق من معدنه، وإثارة كل نفيس من مكمنه.»
والحق أن أوجه الشبه كثيرة بين المسعودي وهيرودوت. وحسبنا أن ابن خلكان وصف المسعودي بأنه كان إماما للمؤرخين، وأن هيرودوت انعقدت له مثل هذه الإمامة، حتى سمي أبا التاريخ. •••
ومن الجغرافيين في القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) أبو القاسم محمد بن حوقل البغدادي. وقد ظل يتجول في البلاد الإسلامية نحو ثلاثين سنة. ولقي البغدادي. وقد ظل يتجول في البلاد الإسلامية نحو ثلاثين سنة. ولقي الإصطخري، فطلب منه هذا أن يراجع كتابه «المسالك والممالك» ففعل، ولكنه ما لبث أن أخرج كتابا بنفس الاسم، اعتمد فيه على ما كتبه إصطخري في كتابه. ولسنا نعرف شيئا كثيرا عن سيرة حياته عدا أنه غادر بغداد سنة (331ه/943م)، طلبا لدراسة البلاد والشعوب، ورغبة في الارتزاق من باب التجارة. فطاف في العالم الإسلامي من شرقيه إلى غربيه، ويبدو أنه شاهد كل ما كتب عنه وعاينه، ما خلا الصحراء الكبرى ، فإنه لم يشاهد إلا جزءا منها. وقد كتب في هذا المعنى: «وأعانني على تأليفه تواصل السفر وانزعاجي عن وطني إلى أن سلكت وجه الأرض بأجمعه في طولها، وقطعت وتر الشمس على ظهرها.» وقد وصف ابن حوقل بلرم عاصمة صقلية وصفا عظيم الشأن جليل القيمة؛ لأنه ليس أقدم وصف إسلامي لهذه المدينة فحسب؛ بل لأنه يشير إلى أسلوب ساذج اتبعه المسلمون حينئذ في تقدير سكان المدن، ومبلغ عمارها في تلك العصور التي لم تعرف فيها الإحصائيات الرسمية. ومما كتبه في وصفها:
وببلرم طائفة من القصابين والجرارين والأساكفة. وبها للقصابين دون المائتي حانوت لبيع اللحم. والقليل منهم في المدينة برأس السماط. ويجاوزهم القطانون والحلاجون والحذاؤون وبها غير سوق صالح. ويدل على قدرهم وعددهم صفة مسجد جامعهم ببلرم. وذلك أني حزرت المجتمع فيه إذا غص بأهله بلغ سبعة آلاف رجل ونيفا؛ لأنه لا يقوم فيه أكثر من ستة وثلاثين صفا للصلاة، وكل صف منها يزيد على مائتي رجل.
وقد عجب ابن حوقل لكثرة المساجد في صقلية. وسأل عن ذلك، فأخبر «أن القوم لشدة انتفاخ رؤوسهم كان يحب كل واحد منهم أن يكون له مسجد مقصور عليه لا يشاركه فيه غير أهله وغاشيته». وكذلك لاحظ كثرة المعلمين فيها وأن جنونهم المعلمين في كل بلد «وإنما توافرت عدتهم مع قلة منفعتهم لفرارهم من الغزو ورغبتهم عن الجهاد»؛ وذلك لأن المعلمين في صقلية كانوا يعفون من الجهات والقتال. والحق أن ابن حوقل كان قاسيا على أهل صقلية وعلى طائفة المعلمين بوجه خاص. فهو يزعم - سامحه الله - «أن المعلم أحمق محكوم عليه بالنقص والجهل والخفة وقلة العقل». ونراه ينتقص أهل صقلية لاحترامهم المعلمين، فيقول: «ومن أعظم الرزية وأشد البلية أن جميع أهل صقلية، لصغر أحلامهم، ونقص درايتهم، وبعد أفهامهم، يعتقدون أن هذه الطائفة أعيانهم ولبابهم وفقهاؤهم ومحصلوهم وأرباب فتاويهم.»
واتصل ابن حوقل بالفاطميين وقد ذهب المستشرق الهولندي دووزي
Dozy
إلى أن هذا الرحالة كان يتجسس، ويعمل لحساب الفاطميين في الأندلس؛ فإنهم كانوا في البداءة يتطلعون إلى الاستيلاء على تلك البلاد، ولعلهم كانوا سيسعون إلى جمع المعلومات عنها. وقد أشار دوزي إلى ما كتبه ابن حوقل في هذا الصدد: «ومن أعجب أحوال هذه الجزيرة بقاؤها على من هي في يده، مع صغر أحلام أهلها، وضعة نفوسهم، ونقص عقولهم وبعدهم من البأس والشجاعة والفروسية والبسالة، ولقاء الرجال ومراس نعمها ولذاتها ... وليس لجيوشهم حلاوة في العين؛ لسقوطهم عن أسباب الفروسية وقوانينها. وإن شجعت أنفسهم ومرنوا بالقتال، فإن أكثر حروبهم فتصرف على الكيد والحيلة. وما رأيت ولا رأى غيري بها إنسانا قط جرى على فرس فاره أو برذون هجين ورجلاه في الركابين.»
ويذكرنا هذا بما كان للرحالة الفرسي قولني
अज्ञात पृष्ठ