المسألة الثالثة (في أنه تعالى لا يثيب أحدا إلا بعمله ولا)
يعاقبه إلا بذنبه)
ولم نعتقد تعذيب طفل لأنه .... قبيح وليس الطفل يوصف بالوزر
وقد أنزل الرحمن في الوزر قوله .... ولاتزر الآي التي نص في الذكر
حقيقة الثواب هو: المنافع المستحقة المفعولة على وجه الجزأ مع المدح والتعظيم، وبهذه الإحترازات يخرج العوض والتفضل لأن المنافع ثلاثة أضرب: ثواب وتفضل وعوض، فقولنا على وجه الجزاء مخرج للتفضل لأن حقيقته هو: المنافع التي ليست بمستحقة، وقولنا مع المدح والتعظيم مخرج للعوض، لأن حقيقته هو: المنافع المستحقة المفعولة على جهة الجزاء عارية عن المدح والتعظيم.
قوله رحمه الله: تعذيب طفل، لأنه قبيح أي ظلم، وحقيقة الظلم هو الضرر العاري عن استحقاق أو جلب منفعة أو دفع مضرة.
وعقيدتنا: أن الله عدل حكيم لا يفعل الظلم، ولا يأمر به ولا يرضاه، ولا يحب الفساد، فتعذيب من لا يستحق العذاب ظلم وقبيح، وإثابة من لا يستحق الثواب وتعظيمه قبيح، ألا ترى أنه يقبح من الواحد منا تعظيم البهائم كتعظيم الأنبياء عليهم السلام، وتعظيم الأجانب كتعيظم الوالدين، وإنما قبح ذلك لكونه تعظيم من لا يستحق التعظيم والظلم قبيح والله لا يفعل القبيح، والمخالف في هذه المسألة المجبرة فعندهم أنه يجوز أن يثيب الله تعالى الفراعنة ويعذب الأنبياء، ومنهم من يقطع أنه يعذب أطفال المشركين بذنوب آبائهم، والردود عليهم مستوفاة في بسائط كتب الأصول، ولنا قوله تعالى: {إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون}[يونس:44].
وقوله تعالى: {ولا تزر وازرة وزر أخرى}[الأنعام:166]، وقوله: {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى}[النجم:39]، وقوله تعالى: {فكلا أخذنا بذنبه}[العنكبوت:40].
पृष्ठ 30