بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على كل حال (1).
زعمت الرافضة أنه لم يكن قرن من القرون خلا ، ولا أمة من الأمم الأولى ، إلا وفيها وصي نبي ، أو وصي وصي ، حجة لله قائمة عليهم ، وعالم بأحكامه (2) فيهم ، مفروضة عليهم طاعته ومعرفته ، ليس لأحد ممن معه في دهره حاله (3) ولا صفته ، لا يهتدي إلى الله أبدا من ضله ، ولا يعرف الله سبحانه أبدا من جهله.
فيسألون ولا قوة إلا بالله عن فترات الرسل في الأيام الماضية ، وما لم يزل فيها لا ينكره منكر ولا يجهله من الأمم الخالية ، هل خلت منها كلها فترة؟ وأمة منهم مستقلة أم مستكثرة!؟ من أن يكون فيها إمام هاد؟ حجة لله على من معه من العباد ، يعلم من حلال الله وحرامه ، وجميع ما حكم الله به في العباد من أحكامه ، ما يعلم من تقدمه وكان قبله ، من كل ما حكم الله به ونزله؟
فإن (4) قالوا : لا تخلو فترة من الفترات مضت ، ولا أمة من الأمم كلها التي خلت ، من أن يكون فيها إمام هاد على العباد لله حجة ، ليس بأحد معه إلى غيره من الخلق كلهم (5) حاجة محوجة ، في احتجاج بحق ولا تبيين ، ولا في حكم من أحكام الدين ، من نذارة لغي ولا ردى ، ولا تبصرة لرشد ولا هدى ، كما قالت الرافضة فلا حاجة إذا بعد آدم ، بأمة من الأمم ، إلى أن يبعث الله فيهم نبيا ، ولا يجدد لهم لرشده وحيا ، يعلمهم في دين الله علما ، ولا يحكم عليهم لله حكما ، ومن كان من ذلك وفيه ، ففضل لا فاقة بأحد إليه ، لأنه لا يبعث نبي في فترة ، ولا أمة مستقلة ولا مستكثرة ، إلا ووصيها فيها ، كاف في الحجة عليها ، مستغنى به عن التبصرة والتعريف ، وما حملها الله من فرض أو تكليف ، تامة به النعمة في الهدى من الله عليهم ، لعلمه بجميع أحكام الله
पृष्ठ 515