كنت للمؤمنين أبا رحيما حين صاروا [لك] عيالا، فحملت أثقال ما عنه ضعفوا، ورعيت ما أهملوا، وعلمت ما جهلوا وشمرت إذ خفضوا وصبرت إذ جزعوا وأدركت آثار ما طلبوا، ونالوا بك ما لم يحتسبوا، كنت على الكافرين عذابا صبا ولهبا، وللمسلمين غيثا وخصبا؛ طرت والله بغنائها، [وفزت بخبائها، وذهبت بفضائلها، وأدركت سوابقها، لم تقلل حجتك، ولم تضعف بصيرتك﴾، ولم تجبن نفسك ولم يزغ قلبك، فلذلك كنت كالجبل لا تحركه العواصف ولا تزيله القواصف، كنت كما قال: ضعيفا في بدنك، قويا في أمر الله، متواضعا في نفسك، عظيما عند الله، جليلا في أعين الناس، كبيرا في أنفسهم، لم يكن لأحد فيك مغمز، ولا لقائل فيك مهمز، ولا لأحد فيك مطعن، ولا لمخلوق عندك هوادة، الضعيف الذليل عندك قوي عزيز حتى تأخذ [له] بحقه، [والقوي العزيز عندك ضعيف حتى تأخذ منه الحق]، القريب والبعيد عندك في ذلك سواء، وأقرب الناس عندك أطوعهم لله ﷿ وأتقاهم. شأنك الحق والصدق والرفق، وقولك حكم وحسم، وأمرك
1 / 74