किताब अल-रद्द वा-अल-इहतिजाग आला अल-हसन बिन मुहम्मद बिन अल-हनफिया
كتاب الرد والاحتجاج على الحسن بن محمد بن الحنفية
शैलियों
وأما ما ذكر من قول الله عز وجل: {وإذ يريكهم الله في منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا} [الأنفال:43]، فقال وتوهم أن هذا الأمر المفعول الذي يقضيه الله، هو قضاؤه على الفريقين بالقتال، والمزاحفة والاقتتال؛ وليس ذلك ولله الحمد على ما قال، ولا على ما توهم من المحال؛ أن الله يقضي على الكافرين بقتال المؤمنين، ولا أنه يقلل المؤمنين في أعين الكافرين؛ تشجيعا منه لهم على قتال المؤمنين، وتأييدا بذلك لهم على المهتدين، ولكن قللهم في أعينهم لكيلا يروهم بحالة الكثرة؛ مع ما في قلوبهم من هيبة الروعة؛(1) فينهزموا ويذهبوا، ويرجعوا ولا يقاتلوا، فكان ذلك خذلانا لهم وخزيا عليهم. وقللهم في أعين المؤمنين لكيلا يروهم على الكثرة التي كانوا عليها فيهابوا ويخافوا، فقللهم في أعينهم تأييدا منه لهم، ومعونة وإحسانا إليهم. فأما قوله: {ليقضي الله أمرا كان مفعولا}، فمعناه: ليقضي الله وعدا كان منجزا، وهو ما وعد رسوله والمؤمنين من النصر إذا نصروه، والتسديد لهم إذا قصدوه.ألا تسمع كيف يقول: {يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم} [محمد: 7]، ويقول: {ولينصرن الله من ينصره} [الحج: 40]، فقضى تبارك وتعالى لرسوله وللمؤمنين عند الالتقاء بما وعدهم من النصر، وفعل لهم، ضمن فعاله من الأمر، وتغنيمهم ما وعدهم من إحدى الطائفتين: طائفة الجيش، وطائفة العير، فغنمهم الله طائفة الجيش كما وعدهم من الأمر. وإنجاز ما وعد المؤمنين من النصر على الكافرين؛ فهو الأمر الذي ذكر الله أنه كان مفعولا، لا ما يتوهم أهل هذا القول الفاسد المخبول(1).
وأما قوله: {هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم} [الأنفال: 62]، فنصر الله رسوله، كما قال سبحانه: {إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان بكل شيء عليما} [الفتح: 26]، فألف الله على ذلك بين المؤمنين، لا كما ظن الحسن بن محمد وأصحابه أهل العمى، والقول بالردى؛ أن التأليف من الله كان بين الكافرين والمؤمنين في القتال، وأنه ساق بعضهم إلى بعض جبرا حتى ألف بينهم للقتال، وهذا فأحول المحال، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. ألا ترون كيف قال: {أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم}، فرد اسم المضمر في الهاء والميم من: {قلوبهم} على الاسم الظاهر من: {المؤمنين}، فسبحان أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.
पृष्ठ 385