रब्ब थवरा
رب الثورة: أوزيريس وعقيدة الخلود في مصر القديمة
शैलियों
65
فقد أدت معارك التحرير إلى وضع ثورات الشعب المصري في إطارها الصحيح، ودخل نظام الحكم - لأول مرة في تاريخ الإنسانية، إلى نظام الانتخاب الحر - لقادة التحرير، لكن لم تلبث رؤية «بوركارت» أن عادت لتثبت صدقها، ومع بداية عصر الرعامسة عادت الملكية الوراثية، ورضي الشعب «بأكثر الحكومات حماقة»، حتى اشتعلت نيران الغضب مرة أخرى، وأعاد التاريخ سيرته، وسقطت مصر للغزوات الأجنبية المتتالية، التي كان آخرها - في تلك العصور - الغزو العربي.
وإن هذه النهاية التي انتهت إليها الثورات الشعبية المصرية، ليست فريدة في تاريخ الشعوب. فيتكلم «بوركارت» مرة أخرى عن أسباب سقوط الثورات إلى مثل هذه النهاية - في حضارات أحدث - فيقول: «إنها تحدث لأسباب خمسة؛ أولها: الشعور بالإجهاد بعد الاندفاع في دوامة الأحداث المثيرة. وثانيها: أن جموع الشعب لا تشعر بالإثارة والحماسة إلا في البداية ، وتنصرف بعد ذلك، وتصاب باللامبالاة. وثالثا العنف بمجرد انطلاقه يؤدي إلى استيقاظ قوى خفية في النفوس، تعيد الناس إلى حالة الهمجية التي لا رابط لها، فينتهي الأمر إلى القضاء على مثالية الثورة في أول عهدها. رابعا اختفاء أقوى رجال أشعلوا الثورة بعد إعدامهم، أما من يخلفون هؤلاء الأقوياء، فهم غالبا من أوساط الناس. وخامس سبب هو أن الأحياء الباقين من ممثلي هذه الحركة، يصادفون تحولا داخليا عميقا؛ فبعضهم يرى الاكتفاء بالاستمتاع بالحياة، والبعض الآخر تتركز آماله في النجاة من مصير الثائرين.»
66
خاتمة ونتائج
وبنهاية هذا الباب، نكون قد خلصنا إلى وضع تصور شامل لتاريخ مصر الفرعونية، كان أهم ما يميزه عن تاريخ بقية الأمم القديمة، أنه كان صنعة الشعب، أكثر مما هو تاريخ ملوك، ويمكن هنا إيجاز أهم نتائجه فيما يلي:
أولا:
إن عقيدة الخلود والإصرار عليها، أديا إلى قيام ثورة شعبية كبرى في نهاية الدولة القديمة، تبعتها ثورات، وإن هذه الثورة الأولى جاءت نتيجة الظلم، الذي عاناه الشعب في بناء دار الخلود لملوكهم المؤلهين في الأسرة الرابعة وما بعدها.
ثانيا:
إن هذه الثورة لم تتم بعد سقوط الأسرة السادسة، ولم تكن مجرد فوضى أمنية، ناتجة عن انهيار المركزية الملكية، وعدم قدرتها على السيطرة على البلاد، وإنما هي بدأت قبل سقوط الأسرة السادسة، وكانت هي السبب الأول والمباشر في سقوط الأسرة السادسة، والدولة القديمة برمتها.
अज्ञात पृष्ठ