170

रब्ब थवरा

رب الثورة: أوزيريس وعقيدة الخلود في مصر القديمة

शैलियों

ولكن؛

هل يجوز لنا بدورنا أن نسلم مثل هذا التسليم بعد ما اتضح لنا، وبعد ما تكشف - في الفصول السالفة في ضوء المنطق التطوري - من أن هذا التناقض لم يكن في العقلية المصرية القديمة، بقدر ما كان ناتجا عن سوء فهم الباحثين لنتاج هذه العقلية؟ حقيقة؛ إن نجاح استخدام المنهج التطوري في الفصول السابقة، إنما يدعونا إلى عدم التسليم بمذاهب الباحثين تلك، بل ورفض هذه المذاهب، وعليه فلسوف نحاول فك ما أسموه تشابكا أو خلطا، في ضوء نفس المنهج والمنطق الذي اتبعناه في الفصول السابقة.

هذا، علما أن العرض السالف لخطوات العقلية المصرية التطورية، في بحثها عن عالم الخلود، لم يكن بهذا الشكل في أي مما طالعناه، كما لن يكون في بابنا هذا بدوره.

ولعل أهم الاختلافات بين عرضنا، وبين عروض من طالعناهم بهذا الصدد، هو تأجيلنا لبحث الدور الأوزيري في تطور عقيدة الخلود المصرية - رغم أنه أول ما يقع عليه النظر في كل ما تناولته اليد من مراجع - وكان تأجيلا له هدفه ومغزاه المنهجي، فكان لا بد أن يسبق الحديث عن دور أوزير في عالم الخلود، تحديد التوقيت الأقرب إلى الصحة لظهور الإله أوزير وماهيته الحقيقية، وفي ضوء هذا التحديد يمكن أن يصبح الأمر أكثر وضوحا ومنطقية، ما دام أوزير قد أصبح - نهاية الدولة القديمة وحتى نهاية العصور الفرعونية - هو إله العالم الخالد.

كما أن الكتب التي طالعناها - في غالب أمرها - تبادئنا بالحديث عن يوم بعث وحساب أمام موازين إلهية عادلة، دونما تحديد واضح لزمن ظهور فكرة البعث والحساب، وأسبابه، وهو أمر تحاشينا حتى الآن الإشارة إليه؛ نظرا لارتباطه بالإله أوزير دون غيره، بينما كان قدم أوزير عند الباحثين، مدعاة لخلط لا مزيد عليه؛ لأن قدمه إنما يعني قدم فكرة البعث والحساب، ويعني معاصرته للإله الملكي رع، وكانت النتيجة تضارب المسألة أمام الباحثين حول البعث والحساب، ما بين رع وأوزير، ولكننا بوقفتنا مع أوزير، نكون قد استطعنا أن نحدد التوقيت الأقرب إلى الصحة، في ظهور كل خطوة تطورية، صاحبته كإله للعالم الخالد.

ولعل أهم ما تركته كتابات الباحثين من غوامض حول عقيدة الخلود الفرعونية، ما يمكنا إيجازه - مصاغا في التساؤلات التالية:

أولا:

ما هو السر في تربع أوزير على عرش العالم الخالد؟ ومتى حدث ذلك على وجه التقريب؟ وإلام صار دور رع في هذا العالم؟

ثانيا:

ما هي الأسباب التي أدت لظهور القول بيوم للبعث والحساب؟ وما هي التصورات التي وضعها العقل المصري لما سيدور في هذا اليوم؟ وما هي المقاييس الخليقة التي وضعها لهذا الحساب؟ ومتى ظهرت هذه الأفكار عن يوم البعث والحساب.

अज्ञात पृष्ठ