سلم بأنه ضل طريقه، وهرول نحو الميدان، وشمله بنظرة شاملة، ثم رفع رأسه إلى لافتة الشارع، وقرأ بصوت مرتفع «النزهة»، ودخل هذه المرة وهو يعد البيوت عدا حتى بلغ الرابع ... وقف مذهولا يكاد يجن. لم يجد بيته، ولا البيت المسكون، ولكنه رأى أرضا، فضاء، خرابة، مبسوطة بين البيوت، وتساءل: أفقدت بيتي أم فقدت عقلي؟!
ورأى «الشرطي» قادما وهو يتفقد أقفال الحوانيت، فاعترض سبيله، وسأله وهو يشير نحو الخرابة: ماذا ترى هنا؟
فحدجه الشرطي بنظرة مستريبة، وتمتم: هذه خرابة كما ترى، وتقام فيها سرادقات الموتى أحيانا.
فقال «صفوان»: كان يجب أن أجد مكانها بيتي، تركته وفيه زوجتي وهي في تمام الصحة والعافية عصر اليوم فقط ... فمتى هدم وأزيلت أنقاضه؟!
فدفن الشرطي ابتسامة طارئة في عبوسة رسمية، وقال له بخشونة: اسأل السم الزعاف في بطنك!
فقال صفوان بكبرياء: إنك تخاطب مديرا عاما سابقا!
فقبض الشرطي على ذراعه ومضى به قائلا: سكر وعربدة في الطريق العام!
وسار به إلى «قسم الظاهر» على مبعدة يسيرة، وأوقفه أمام الضابط في حال تلبس، ورثى الضابط لوقاره وسنه، فقال: البطاقة؟
وأخرج له بطاقته، وهو يقول: إني في تمام وعيي، ولكن بيتي لم يعد له أثر.
فقال الضابط ضاحكا: سرقة من نوع جديد لا أدري كيف أصدقها.
अज्ञात पृष्ठ