192

إذن لقد ضمن صاحبنا أن يصل إلى طلبته في الميعاد بل قبل الميعاد، ولكن لقد غشي الجميع وجوم شديد، وثنوا رقابهم حتى توسدت الذقون الصدور!

وهنا لاح لخاطري شبح مرعب مهول: فصاحبي قادم على امتحان شاق عسير وكيف له بحسن الإجابة وهو على هذه الحال من ضيق الصدر، وتكدر النفس وتفرق الفكر؟ وبأي وجه تلقى مصر الأمم إذا رسب - لا قدر الله - علي «باشا» إبراهيم في الامتحان، وعلى الخصوص إذا لم يكن له ملحق يتعوض به ما فات؟

إذن فلا بد لهذه الحال من إسعاف، أو من إنقاذ الموقف كما يقولون!

ويعينني الله على أن أرفع رأسي، وأنادي بقوة لم تعهد لمثلي: يا «باشا»، فرفع رأسه ورفع ولداه رأسيهما وقال في فتور: ماذا؟ فقلت له في حدة المغيظ المحنق: أؤكد لك أنني لا أعود إلى ركوب سيارتك هذه إلا إذا جئتني بشهادة حسن السير ... والسلوك!

وسرى عنه، وطابت نفسه، وجعل يضحك أو يتضاحك إلى أن افترقنا ...

ولا أدري إذا كان نجح في ذلك الامتحان أو لم ينجح، على أن مما يطمئنني على نجاح صديقي أنني أرى جمهرة الأطباء العظام، وعصارة أهل الفضل وأرباب الأخطار في البلاد يحتفلون اليوم ببلوغه الستين.

ومما يزيدني اطمئنانا أن الاحتفال معقود في صميم الجامعة المصرية لا بجوار كشك الموسيقى بحديقة الأزبكية!

سيداتي، سادتي

إن الله الذي حبا مصر بهذا النيل، ووهبها هذا الجو الصافي الجميل، وأطلع شمسها على الدوام آلقة وضية، وجعل أرضها على طول الزمان، منجبة سخية، لقد حباها كذلك بالدكتور علي إبراهيم.

وإذا كان الدكتور علي «باشا» إبراهيم إنسانا كسائر الناس، فإنه إنسان مخلد خلود هذه النعم الظاهرة، فهو مخلد في آثاره مخلد في بنيه وتلاميذه، ثم في أبنائهم وتلاميذهم، وهكذا إن شاء الله إلى يوم الدين، وتبارك الله أحسن الخالقين!

अज्ञात पृष्ठ