431

क़ुत अल-क़ुलूब

قوت القلوب

संपादक

د. عاصم إبراهيم الكيالي

प्रकाशक

دار الكتب العلمية - بيروت

संस्करण

الثانية

प्रकाशन वर्ष

١٤٢٦ هـ -٢٠٠٥ م

प्रकाशक स्थान

لبنان

الله ﷺ: أبلغ عني الفقراء أن لمن صبر واحتسب منكم ثلاث خصال ليست للأغنياء، أما خصلة واحدة فإن في الجنة غرفًا ينظر إلها أهل الجنة كما ينظر أهل الأرض إلى نجوم السماء لا يدخلها إلا نبي فقير أو شهيد فقير أو مؤمن فقير، والثانية يدخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم وهو خمسمائة عام، والثالثة إذا قال الغني: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، وقال الفقير مثل ذلك لم يلحق الغني الفقير، وإن أنفق فيها عشرة آلاف درهم وكذلك أعمال البرّ كلها فرجع إليهم فقالوا: رضينا فهذا يدل على صحة تأويلنا.
وقد روينا معنى هذا مجملًا في الخبر الذي رويناه عن إسماعيل بن عياش عن عبد الله ابن دينار عن ابن عمر ﵄ أن النبي ﷺ قال لأصحابه: أي الناس خير؟ قالوا: موسر من المال يعطي حقّ الله في نفسه وماله فقال: نعم الرجل هذا وليس به قالوا: فمن خير الناس؟ مؤمن فقير يعطي جهده، فذهب القوم إلى علم العقل فردّهم الرسول ﷺ إلى علم اليقين فكذلك من فضل حال الغنى على حال الفقر فإنه ينظر في العلم بعين العقل وإنما يشهد الآخرة والحقيقة بعين اليقين وهذا نصّ في تفضيل حال الفقر، فمن فضّل الغنى بعده فقد عاند السنّة إن كان عالمًا فأحسن حاله الجهل بالآثار وإن كان جاهلًا فمقامه في الجهل أضرّ عليه من نطقه بالعلم بهوى، وفي الخبر الآخر: خير هذه الأمة فقراؤها وأسرعها تضجّعًا في الجنة ضعفاؤها، وقال ﷺ لبلال: إلق الله تعالى فقيرًا ولا تلقه غنيًّا قال: وكيف لي بذلك؟ قال: إذا سئلت فلا تمنع وإذا أعطيت فلا تخبأ أفتراه كان يأمر بلالًا بأدنى الحالين فكيف وهو من أعلى الصحابة فأشبه الفقر في الأحوال اليقين في الإيمان، كما قال لابن عمر: اعمل لله بالرضا واليقين فإن لم يكن فإن في الصبر على ما تكره خيرًا كثيرًا فرفعه إلى اليقين لفضله كما رفع بلالًا إلى الفقر لشرفه في الأحوال فلم يكن ﷺ يرضى لبلال إلا ما يرضاه لنفسه فصار الفقر حال الموقن لأنه يكشف الآخرة، وصار الشكر في الغنى حال المؤمن لأنه يوجد الدنيا ففضل الفقير الزاهد على الغني الشاكر كفضل الموقن الشاهد على الموقن المجاهد.
وكذلك روينا في حديث عطاء عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله ﷺ يقول: اللهم توفّني فقيرًا ولا توفّني غنيًّا ولم يكن ليأمر بلالًا بأدنى الحالين فيقول: إلق الله تعالى فقيرًا كما لم يندب ابن عمر إلى أخفض المقامين لقوله: اعمل لله تعالى بالرضا في اليقين، وكذلك جاء في الخبر المشهور الذي دعا فيه ﷺ لنفسه أن يحييه الله تعالى مسكينًا ويتوفّاه مسكينًا ويحشره في زمرة المساكين، كلّ ذلك لتفضيل الفقر وتشريف الفقراء مع قوله ﷺ يدخل فقراء أمتي الجنة قبل أغنيائهم بنصف يوم يعني خمسمائة عام، وروينا عن عيسى ﵇ أنه قال: إني لأحبّ المسكنة وأبغض المال للغني وإن في المال داء كثيرًا قيل: ياروح الله وإن كان يكتسبه من حلال قال يشغله كسبه عن ذكر

1 / 437