332

क़ुत अल-क़ुलूब

قوت القلوب

अन्वेषक

د. عاصم إبراهيم الكيالي

प्रकाशक

دار الكتب العلمية - بيروت

संस्करण संख्या

الثانية

प्रकाशन वर्ष

١٤٢٦ هـ -٢٠٠٥ م

प्रकाशक स्थान

لبنان

تعالى، وكان أبو العباس بن عطاء قد خالفه في ذلك فيقال: إن الجنيد دعا عليه فلحقه ما أصابه من البلاء منه، قتل أولاده، وإتلاف ماله، وزوال عقله أربع عشرة سنة، فكان يقول: دعوة الجنيد أصابتني، ورجع عن قوله في تفضيل الغنى على الفقر، فصار يفضّل الفقر ويشرّفه، وأيضًا فقد روينا في الخبر: أعرفكم بنفسه أعرفكم بما ابتلاه به منها وما ابتلاها به منه فأعظم ما ابتلانا به محبتنا بها وابتلاها بعدواتنا، فمن أفضل ممّن صبر على مجاهدة عدوّه على أنه مع ذلك عدوّ الله تعالى منازع لصفات الربوبية، ومن أشد بلاء ممنّ ابتلي بعداوتك وبتليت بمحبته وأنت في ذلك تترك محبته لمحبة الله تعالى وتصبر على عداوته بدوام مجاهدته لمرضاة الله تعالى، فهذا أعدل العدل وأفضل الفضل ولا سبيل إلى ذلك إلا بفضل أثرة من الله تعالى وحسن عنايته ودوام نظره إذ لا توفيق ولا قوّة ولا صبر إلا به ﷾، فأما المسألة التي سئل عنها بعض القدماء عن عبدين ابتلي أحدهما فصبر وأنعم على الآخر فشكر، فقال: كلاهما سواء قال: لأن الله تعالى أثنى على عبدين أحدهما صابر والآخر شاكر بثناء واحد، فقال تعالى في وصف أيوب ﵇: (نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) ص: ٣٠
وقال في وصف سليمان ﵇: (نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابُ) ص: ٣٠، ففي قول هذا ﵀ غفلة عن لطائف الأفهام وذهاب عن حقيقة تدبّر الكلام إذ عندنا بين ثناء الله ﷿ على أيوب في الفضل على ثنائه على سليمان ﵉ ثلاثة عشر معنى، وشركه سليمان ﵇ بعد ذلك في وصفين آخرين وإفراد أيوب ﵇ بفضل ثناء ثلاثة عشر معنى، أول ذلك قوله ﷿ في أول مدحه: (واذْكُرْ) ص: ٤١ فهذه كلمة مباهاة باهى بأيوب عند رسوله المصطفى ﵇ وشرفه وفضله بقوله تعالى: (واذْكُرْ) ص: ٤١ يا محمد فأمره بذكره والاقتداء به كقوله تعالى: (فاصْبِرْ كما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) الأحقاف: ٣٥، قيل: هم أهل الشداء والبلاء منهم أيوب ﵇ قرضوا بالمقاريض ونشروا بالمناشير وكانوا سبعين نبيًا وقيل: هم إبراهيم وإسحاق ويعقوب، وهؤلاء آباء الأنبياء وأفاضلهم لقوله تعالى: (وَاذْكُرْ في الْكِتَابِ ابْرَاهِيَمَ) مريم: ٤١ ولقوله تعالى: (واذْكُرْ عِبادَنا إبْراهِيمَ وإسْحق وَيعقُوبَ أولي الأيدي والأبْصارِ) ص: ٤٥ يعني أصحاب القوّة والتمكّن وأهل البصائر واليقين، ثم رفع زيوب إلى مقامهم فضمه إليهم وجعله سلوة له ثم ذكره إياه وذكره به، ثم قال تعالى: (عَبْدنا) ص: ٤١ فأضافه إليه ﷿ إضافة تخصيص وتقريب ولم يدخل بينه وبينه لام الملك فيقول عبدًا لنا فألحقه بنظرائه من أهل البلاء في قوله تعالى: (وَاذْكُرْ عِبادنا إبْراهيمَ وَإِسْحق وَيعْقُوبَ) ص: ٤٥ وهم أهل الابتلاء الذين باهى بهم الأنبياء وجعل من ذرياتهم الأصفياء فأضاف أيوب إليهم في حسن الثناء، وفي لفظ التذكرة به في الثناء ثم قال: (إذْ نادى رَبَّهُ) مريم: ٣ فأفرده بنفسه لنفسه وانفرد له في الخطاب بوصفه وقال: (

1 / 338