206

क़ुत अल-क़ुलूब

قوت القلوب

अन्वेषक

د. عاصم إبراهيم الكيالي

प्रकाशक

دار الكتب العلمية - بيروت

संस्करण संख्या

الثانية

प्रकाशन वर्ष

١٤٢٦ هـ -٢٠٠٥ م

प्रकाशक स्थान

لبنان

خزائن الأرض وخزائن السموات والأرض ولكنّ المنافقين لا يفقهون والفقه صفة القلب لا لسان العرب، تقول: فقهت بمعنى فهمت، وابن عباس يفسر قول اللَّه ﷿: (لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا) الأعراف: ١٧٩ يقول لا يفهمون بها ويجعل الفقه الفهم فخاطر اليقين والروح والملك من خزائن اللَّه وخاطر العقل والنفس والعدوّ من خزائن الأرض كما قيل النفس ترابية خلقت من الأرض فهي تميل إلى التراب والروح روحاني خلق من الملكوت فهي ترتاح إلى العلوّ والقلب خزانة من خزائن الملكوت مثله كالمرآة تقدح هذه الخواطر عن أوساطها من خزائن الغيب فتوقد في القلب فيتلألأ فيه للتأثير، فمنها مايقع في سمع القلب، فيكون فهمًا، ومنها ما يقع في بصر القلب فيكون نظرًا وهو المشاهدة، ومنهاما يقع في لسان القلب فيكون كلامًا وهو الذوق، ومنها ما يقع في شم القلب فيكون علمًا وهو الفكر وهو العقل المكتسب بتلقيح العقل الغريزي وهذا أقلها لبثًا وأيسرها عناء وما وقع في ناظر القلب وحسه فخرق شفافه ووصل إلى سويدائه وهو المباشرة كان وجدًا وهذا هو الحال عن مقام مشاهدة، ومن هذا قوله: أسألك إيمانًا يباشر قلبي. وقال بعض العارفين: إذا كان الإيمان في ظاهر القلب كان العبد محبًا للآخرة وللدنيا وكان مرة مع اللَّه تعالى ومرة مع نفسه فإذا دخل الإيمان إلى باطن القلب أبغض العبد الدنيا وهجر هواه وقد قال عالمنا أبو محمد سهل ﵀: للقلب تجويفان، أحدهما باطن وفيه السمع والبصر وكان يسمى هذا قلب القلب، والتجويف الآخر ظاهر القلب وفيه العقل، ومثل العقل في القلب مثل النظر في العين هو صقال لموضع مخصوص فيه بمنزلة الصقال الذي في سواد العين فإذا كانت هذه الخواطر عن أواسط الهداة به وهي الملك والروح كانت تقوى وهدى ورشدًا وكانت من خزائن الخير ومفتاح الرحمة قدحت في قلب العبد نورًا وطيبًا أدركه الحفظة وهم أملاك اليمين فأثبتوهاحسنات وإن كانت الخواطر عن أواسط الغواة وهم العدوّ والنفس كانت فجورًا وضلالًا وهي من خزائن الشر ومعالق الأعراض قدحت في القلوب ظلمة ونتنًا أدرك ذلك الحفظة من أملاك الشمال فكتبوها سيئات وكل هذا إلهام وإلقاء من خالق النفس ومسويها وجبار القلوب ومقلبها حكمة منه وعدلًا لمن شاء، ومنة ً وفضلًا لمن أحب، كما قال: (وَتَمَّتْ كِلَمَةُ رَبٍّكَ صِدْقًا وَعدْلًا) الانعام: ١١٥ أي بالهداية صدقًا لأوليائه ما وعدهم من ثوابه وبالاضلال عدلًا على أعدائه ما أعد لهم من عقابه. ثم قال تعالى: (لاَ يُسْئَلُ عَمّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلونَ) الأنبياء: ٢٣ فهذه جنود منقادة لأمره وهو ملك جبار عزيز قهار تعالى عن مباشرة الأشياء إذا كانت تنقاد لمشيئته وتطوع لقدرته فتنفذ قدرته إرادته تظهر حكمته أفعاله إذا أراد شيئًا قال له: كن بخفي قدرته فكان بظاهر حكمته، والرب سبحانه قادر على كل شيء، بيده ملكوت كل شيء حكيم في كل شيء، والعبد ضعيف عاجز جاهل لا يقدر على شيء قد ابتلي بالأسباب ووقع عليه

1 / 212