طلبه للعلم:
كان أبناء المسلمين في ذاك العصر يتسابقون في حفظ القرآن ومعرفة معانيه، فكيف بالإمام السيوطي وهو في بيت عالم من قضاة ذلك العصر، فقد حفظ القرآن ولم يتجاوز الثامنة من عمره، كما ذكرت آنفًا، ولأن ولايته كانت بأيدي العلماء فقد حفظ كثيرًا من المتون، مثل كتب الحنفية، والحاوي، وكتاب التهذيب وروضة الطالبين، وعمدة المتقين، في فروع الشافعية.
ثم شرع في قراءة صحيح مسلم على شمس الدين محمد بن موسى ابن محمود السيرامي، ومنهاج النووي، ومنهاج الوصول للبيضاوي في أصول الفقه، والشفاء، وألفية ابن مالك. كان ذلك في مستهل رجب عام (٨٦٦ هـ) وكتب له الإجازة بخطه (١) .
ثم بدأ في التصنيف فشرح الاستعاذة، والبسملة.
قال السيوطي: ووقفت عليه شيخ الإسلام علم الدين البُلْقيني فكتب عليه تقريظًا، ولازمته في الفقه إلى أن مات (ت: ٨٦٨ هـ)، فلازمت ولده، فقرأت عليه من أول التثريب لوالده، إلى الوكالة، وسمعت عليه من أول الحاوي الصغير إلى العدة، ومن أول المنهاج إلى الزكاة، ومن أول التنبيه إلى قريب من باب الزكاة، وقطعة من الروضة من باب القضاء، وقطعة من تكملة شرح المنهاج للزركشي (ت: ٧٩٥ هـ)، ومن إحياء الموات إلى الوصايا أو نحوها، وأجازني بالتدريس والإفتاء سنة ست وسبعين (٨٧٦ هـ)، وكانت بدايته في الطلب سنة (٨٦٥)، ولازم تقي الدِّين أحمد الشمني أربع سنين، فأخذ عنه الحديث واللغة وعلم المعاني، وهو أعظم شيوخه في اللغة، وكتب له تقريظًا على شرح ألفية ابن مالك، وكتاب جمع الجوامع.
_________
(١) التحدث بنعمة الله ص (٢٣٧) .
المقدمة / 18