الحق أنه ركز اهتمامه الأول على هبة الله الذي جاءت الثورة وهو ابن ست سنوات، ويوشك اليوم أن ينتهي من المرحلة الابتدائية، ويبشر نموه بعملقة في الجسم وقوة الملامح وتفوق في الرياضيات. ويقول إسماعيل ضاحكا: إنه ابن الثورة مائة في المائة وأنا مضطر إلى تحمله دون تذمر، وأتحاشى تصحيح أي معلومة له إيثارا للسلامة.
ومرة طرح سؤالا بلا مناسبة على الإطلاق، قال: للحياة هدف وهذا قد نخلقه بأنفسنا، ولكن للكون أيضا هدف فما هو؟!
وغرقنا ليلتها في حوار طويل عن هدف الحياة وهدف الكون فنسينا همومنا الشخصية وإلى حين.
ومن بين أفراد مجموعتنا الفانية يبزغ طاهر عبيد كالقمر في تألقه وينطلق في طريق النجاح كالشهاب. من أول يوم دعي إلى المشاركة في تحرير مجلة الثورة، لماذا؟ لم يكن من المنافقين ولا أهل الثقة، لكن شعره الشعبي القديم بشر بالثورة قبل أن توجد، وزكاه أيضا أنه عرف ببعده عن الأحزاب، وسرعان ما توثقت العلاقة بينه وبين الضباط المتولين شئون الثقافة، وهو من ناحيته، وبتلقائية وإخلاص، كرس شعره للثورة، فما من إنجاز أو نصر أو موقف نبض به قلب الثورة إلا وأعطاه المعادل الشعري في أجمل صورة، ثم سرعان ما يترجم إلى غناء تردده الإذاعة والتليفزيون في حينه، وسأله صادق صفوان الذي لا يفيق من القلق: ألا تستطيع بمنزلتك الغالية عندهم أن تدفع عنا البلاء إذا حم قضاؤه؟!
فضحك عاليا وقال: لا يدفع ذلك شعر أو نثر.
وقال حمادة الحلواني بأسف: من المحزن وغير المفهوم أنك مخلص فيما تقول وتكتب.
وقال إسماعيل قدري بمرارة: شعر جميل ومضمون زبالة!
ويقول طاهر جادا: صدقوني إن مصر لم تعتل هذه الذروة منذ عصورها المجيدة كما أنها لم تشهد طيلة تاريخها مثل هذا الرجل المعجزة، وإنه لعظيم من يستطيع منكم أن يعلو فوق خسائره الذاتية ليلحق بركب التاريخ في مسيرته الشامخة.
وفي فيلا الباشا الراحل ينشب نزاع ودي أحيانا بينه وبين مامته أو بينه وبين إبراهيم . يقول لإبراهيم: أتنتظر حقا ثورة أخرى؟ .. ما أنت إلا محترف ثورات!
فيقول إبراهيم متحديا طاهر ودرية معا: لقد تغير المنظر ولكن الممثلين لم يتغيروا. - لا تخلو ثورة من انتهازيين ولكن بحسبها أن زعيمها رمز للكمال. - إنه دكتاتور يا عمي. - بل إنه المستبد العادل.
अज्ञात पृष्ठ