وانهمرت على ركن قشتمر الأخبار المثيرة؛ مصرع أحمد ماهر، حرب فلسطين، مصرع النقراشي، الحرب بين إبراهيم عبد الهادي وبين الإخوان، عودة الوفد، حريق القاهرة. كتب علينا أن نعايش الهموم ونتجرع الأحزان ونكظم الغضب أو نزفره سمرا ونكاتا ونوادر هزلية. ودخل الأولاد الجامعة وحتى هبة الله دخل الروضة. أما نحن فقد بلغنا الأربعين، تلك العلامة المميزة ذات الطنين الأبدي، بلغ صادق قمة ثرائه، وحمادة الحلواني أدرك الغاية في معالجة الفراغ بالإفراط في الطعام والشراب والمخدر حتى فاق طاهر في وزنه، وبلغ طاهر منزلة فريدة في عالم القلم، أما إسماعيل فقد حصل على الليسانس، فاستقال من عمله في دار الكتب وعمل في مكتب محام وفدي ، غير أن أهم الأحداث العائلية جرت في الحريم أو من خلال الأولاد.
ففي بيت صادق صفوان الأول تفاقم مرض إحسان حتى اضطرت إلى ملازمة الفراش عاجزة تماما عن الحركة، وظل صادق يرعاها بكل ما في وسعه ولا ينسى، على حد قوله لنا: لم أعرف السعادة الحقيقية إلا بين يديها.
أما زوجه الثانية ليلى حسن فاستمرت في ملاعبتها الشاذة معه، تحاوره بين قطبي اللذة والألم، حتى تمزق تماما بين الرغبة في الإبقاء عليها وتمني الخلاص منها. يقول ويعيد أنه بقدر ما وهبت من أنوثة بقدر ما أفعمت بسم العنف، متكبرة على غير أساس كأنما هي المتفضلة، وعند الانفعال ينفث لسانها ألوانا كريهة من السموم، وهو بدوره لم يعد يسكت فعلمته السب وما يندم على قوله أحيانا.
ويقول له حمادة الحلواني: حظك في الزواج ليس كحظك في التجارة والمال.
فيقول متحسرا: كانت بين يدي امرأة ولا كل النساء، يا للخسارة يا إحسان!
واختل عقل ليلى أكثر بسبب عقمها فإذا بها تقول له ذات يوم: أمن لي حياتي بكتابة عمارة باسمي.
يا للمصيبة! .. إنها تفكر فيما بعد موته، وتذكره بالنهاية التي لا يحب أن يذكره أحد بها، واستاء وحنق، وآمن بأنها لا تفكر إلا في ماله. والواقع أن المال وتوابعه هي ما يستأثر باهتمامها في المقام الأول، وقال لها بصرامة: لله في ذلك شريعة لا أحب أن أخرج منها.
فصاحت به: اعترف بالحقيقة وهي أنك لا تحب إلا ابنيك.
وإذا نشب خلاف بينهما خاصمته، فحتى التحية العابرة تنقطع، وتتبعها المعاشرة، ثم تقضي أكبر وقتها في الخارج.
فقال إسماعيل آسفا: هذا هو الجحيم.
अज्ञात पृष्ठ