تشريع ديني أم رؤية سياسية
مقدمة
يعيش الإنسان في الحياة لهدف، ويصارع المتاعب لغاية وأمل، فإذا ضاع هدفه الفطري وفقد أمله الواقعي، بحث عن بدائل يتسلى بها ويعيش على هامشها.. ولكنها سرعان ما تتحول إلى غايات وأهداف؛ تتبخر على أثرها المقاصد الحقيقية، ويعلوها غبار النسيان، وتشيد على أنقاضها صنميات مختلفة: دينية، وسياسية، واجتماعية، غير أن أشدها خطرا، وأوسعها انتشارا، وأكثرها سلبية، ما يقدم في قوالب دينية وعقائدية؛ لما لذلك من تأثير في نمط تفكير الإنسان ومن ثم في سلوكه ومواقفه.
وعندما جاء الإسلام لتصحيح وضع الإنسان وتقويم حياته؛ كان عليه أن يعيده إلى فطرته ويزيل عنه غبار الموروثات الدخيلة عليها، ويحرر عقله من أغلال الصنمية بكل أشكالها، ليتعامل مع الحقائق كما هي، ويتحرك في الحياة بعيدا عن مخلفات المجتمع الجاهلي وتأثيراته؛ وذلك ما عمد إليه الإسلام بالفعل، حين قاد ثورة على الصنمية والجهل، معلنا أنه لا إله في هذا الكون غير خالقه.. ولا طاعة لأحد سواه.. وأن قيمة كل امرئ ما يحسنه؛ فصار الإسلام بذلك مطلبا حياتيا تسابقت إليه البشرية على اختلاف مشاربها، وتجاوزت دعوته كل الحدود، واخترقت مختلف الحضارات، وأصبح للإنسان موطنا وعشيرة، ومنهجا يحميه ويحرسه.
पृष्ठ 5