قرشية الخلافة.. من الظروف إلى الشرعية ثلاثون عاما هي مدة ما يعرف بالخلافة الراشدة، وقد تعاقب فيها أربعة من الخلفاء كلهم من قريش وكان لتنصيب كل منهم ظروف خاصة وشكل مختلف، وكان شرط القرشية حاضرا عند تنصيب كل منهم كواقع اجتماعي لا فكر شرعي، وكانت له تداعيات سلبية، خصوصا على الأنصار الذين صرفوا النظر عن حقهم في الخلافة واكتفوا بوعود بمشاركة الوزراء للأمراء.
فخلال سنتين ونصف هي مدة خلافة أبي بكر لم يتمكن الأنصار من المشاركة الفاعلة في تسيير شئون المجتمع، رغم عدم وضوح الرؤية لدى الخليفة في شأن مشاركتهم وعدمها، فقد جاء عنه أنه قال: «وددت أني كنت سألت رسول الله هل للأنصار في هذا الأمر سبب»(1).
وقبيل وفاته أوصى أبو بكر بالخلافة بعده لعمر بن الخطاب، وسط سخط من كبار الصحابة عبر عنه بقوله: «اخترت لكم خيركم في نفسي فجلكم ورم لذاك»(2). واستمر الأمر على حاله أيام عمر بالنسبة للأنصار مما جعل بعضهم يبدي سخطا ويشتكي من الإجحاف بحقهم، فروي عن قيس بن سعد أنه قال يشكو استبداد قريش وتخاذل الأنصار(3):
وخبرتمونا أنما الأمر فيكم .... خلاف رسول الله يوم التشاجر
وأن وزارات الخلافة دونكم .... كما جاءكم ذو العرش دون العشائر
فهلا وزيرا واحدا تجتبونه .... بغير وداد منكم وأواصر
سقى الله سعدا يوم ذاك ولا سقى .... عراجلة هابت صدور المنابر
وعندما أصيب عمر ابن الخطاب بعد عشر سنوات في الخلافة صدم الأنصار مرة أخرى حين حرموا حق المشورة وإبداء الرأي في اختيار الخليفة، وذلك أن عمر اختار ستة كلهم من زعامات قريش ليختاروا خليفة منهم، وهم: (علي، وعثمان، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف).
पृष्ठ 29