Quenching the Thirst with the Sessions of the Branches of Faith
ري الظمآن بمجالس شعب الإيمان
प्रकाशक
مكتبة دروس الدار
संस्करण संख्या
الأولى
प्रकाशन वर्ष
١٤٤٤ هـ - ٢٠٢٢ م
प्रकाशक स्थान
الشارقة - الإمارات
शैलियों
وغير ذلك مما يدخل تحت عمل القلب.
ولهذا نحن في هذه الأيام نعرف كثيرًا من اليهود أو النصارى ممن يُصرِّح بصدق النبي ﷺ وبأن الحلَّ في الإسلام، وبأنَّ الخير مع المسلمين، ونجد من الناس من يُصرِّح أنَّ الإسلام دين حق، ومع ذلك هو باقٍ على كفره، مما يدل على أنَّ مجرَّدَ المعرفةِ واعتقادِ أنَّ هذا حقٌّ ليس بكافٍ في تحقيق الإسلام والدين.
وقد جاء في الصحيح أنَّ يهوديًا جاء إلى النبي ﷺ فَقَالَ له: جِئْتُ أَسْأَلُكَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أيَنْفَعُكَ شيءٌ إنْ حَدَّثْتُكَ؟» (يعني: هل تؤمن؟) فَقَالَ: أَسْمَعُ بِأُذُنَيَّ، (يعني: لا ألتزم المتابعة، وإنما أسمع بأذني وأنظر فيما أسمع، وسيأتي أنه سيقر بصدق نبينا ﷺ لكنه لا يلتزم الإيمان به ومتابعته، وهذا دليل على أن مُجرَّدَ التصديق من غير التزام الشريعة، ولا دخول فيها لا ينفع؛ إذ لم يحكم له بالإسلام) فنكت رسول الله ﷺ بعود معه، فَقَالَ: «سَلْ» (وهذا من سعة أخلاقه وحلمه ﷺ، فسألَ النبيَّ ﷺ خمسة أسئلة، فأجابه عنها، فلما انتهى قال اليهودي لرسول الله ﷺ: صدقت وإنك لنبي ثم انصرف (^١). فأقرَّ بأنه نبيٌّ لكنه لم يؤمن بهذا، ولم يشهد أنه لا إله إلا الله وأنَّ محمَّدًا رسول الله وخاتمُ النبيين بعثه الله إلى الناس كافة.
فدلَّ هذا على أنَّ مجرد المعرفة والتصديق في القلب ليست كافية، بل المقصود بإيمان القلب: ذلك الإيمانُ الذي يقود إلى الانقياد، والاستسلام، والخضوع، والإخلاص.
يقول شيخ الإسلام ﵀: «إنَّ الإيمان أصلُه الإيمانُ الذي في القلب، ولا بُدَّ فيه من شيئين: تصديق بالقلب، وإقراره ومعرفته ويقال لهذا: قول القلب. قال الجنيد بن محمد: «التوحيد: قول القلب، والتوكل: عمل القلب» (^٢)، فلا بُدَّ فيه من قول القلب، وعمله، ثم قول البدن وعمله، ولا بُدَّ فيه من عمل القلب، مثل حبِّ الله ورسوله، وخشية الله، وحبِّ ما يحبُّه الله ورسوله، وبُغضِ ما يبغضه الله ورسوله، وإخلاصِ العمل لله وحده، وتوكُّلِ القلب على الله وحده، وغير ذلك من أعمال القلوب التي أوجبها الله
_________
(^١) أخرجه مسلم (٣١٥) من حديث ثوبان ﵁.
(^٢) رواه أبو نعيم في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (١٠/ ٢٥٦) بلفظ: قال: " … وَإِنَّمَا الْيَقِينُ اسْمٌ لِلتَّوْحِيدِ إِذَا تَمَّ وَخَلُصَ، وَإِنَّ التَّوْحِيدَ إِذَا تَمَّ تَمَّتِ الْمَحَبَّةُ وَالتَّوَكُّلُ وَسُمِّيَ يَقِينًا، فَالتَّوَكُّلُ عَمَلُ الْقَلْبِ، وَالتَّوْحِيدُ قَوْلُ الْعَبْدِ (كذا)، فَإِذَا عَرَفَ الْقَلْبُ التَّوْحِيدَ وَفَعَلَ مَا عَرَفَ فَقَدْ تَمَّ" … إلخ
1 / 41