जीवन की कहानी
قصة حياة
शैलियों
فشكرته وأعدت الجنيه إلى جيبى، ورجعت به وبالخبر، آخر النهار إلى أمى.
ودفعنا القسط كاملا.
وسألت أمى قريبنا عن الحقيقة فاعترف لها بأنه كذب عليها وأنه أخذ الجنيهات الأربعة لنفسه، ووعد أن يردها عند الميسرة، وقد مات وهى فى ذمته.
وقالت لى أمى يوما: «لست آسفة إلا على خديعتنا، وما أثمرته من زيادة الضيق الذى كنا فيه، أما التعليم فإنى أحمد الله الذى مكننى من أداء نفقاته فى مراحله كلها، فما كان يسرنى أن تشعر أنك دون أندادك وإنك رقيق الحال، وهم فى سعة، وكنت أخشى أثر هذا فى نفسك فالحمد لله الذى حماك هذا الشعور».
وأخذت الشهادة الإبتدائية، فقالت أمى: «تذهب إلى المدرسة الخديوية وتقدم إليها طلب التحاق بها» ولكن أخى وقريبى الذى أسلفت ذكره جاءا ليقنعا أمى بأن تقبل توظيفى فاستغربت وقالت: «ولكنه طفل».
قال قريبى «إن نفقات التعليم الثانوى كبيرة فمن أين تجيئين بها».
وعزز أخى رأيه. وألح الإثنان عليها إلحاحا شديدا وهى تأبى وتقول إنها لا ترضى بذلك، وإن ابنها يجب أن يتعلم، وإن أوان التوظيف وكسب الرزق لا يزال بعيدا فأغلظ أخى لها فى الكلام وعنف معها قريبى فطردتهما وأمضت مشيئتها وأدخلتنى المدرسة. وقد بقيا زمنا غير قصير لايجترئان على دخول بيتنا، ولكنها كانت تبعث بى إليهما لأزورهما، وتوصينى ألا أقطعهما، وتقول إنه خلاف أدى الى جفوة بينها وبينهما، وقد فعلت ماتريد وقواها الله عليه فلا مسوغ لبقاء النبوة ولا موجب لها على كل حال فيما بينى وبينهما، وهى لا تضمر لهما بغضا، ولكنها تخاف لعبهما ودخولهما مرة أخرى فيما لا يعنيهما، فخير لى أن يبقيا بعيدين حتى أفرغ من التعليم.
واعترضت الحمى طريقى فى السنة الأخيرة من التعليم الثانوى وكادت تضيعنى بل تقتلنى. وكان قريب لنا من الأطباء يتولى علاجى، ولكن العلاج لم يكن يبدو له أثر فقضيت الصيف كله أوجله راقدا لا أكاد أعى شيئا، من شدة الحمى.
وفى إحدى الليالى ثقلت على وطأة المرض جدا، حتى جزعت أمى - على ما أخبرتنى بعد ذلك - وكادت توقن أنى هامة اليوم أو الغد، لولا أن الأم لا تفقد أملها، وكنا فى بيت كل غرفة فيه تصلح أن تكون ساحة أو ملعبا، وكانت نوافذ الحجرة التى أرقد فيها تطل على فناء البيت وفيه شجرة جميز عظيمة، تصل أغصانها الذاهبة فى الهواء إلى النوافذ، وكنا نضع قلل الماء على أحد هذه الشبابيك لتبرد، فحدث أن مدت أمى يدها إلى قلة تريد أن تشرب، فقلبت القلة من بين أصابعها وهوت إلى أرض الفناء ففزعت أمى واضطربت جدا، وكبر ظنها أن هذا نذير بموتى، وخطر لها أن تنحدر إلى الفناء فى فحمة الليل لترى أسلمت القلة أم تحطمت.
وكانت لا تشك فى أنها تكسرت فما يعقل أن تقع من أعلى طبقة فى البيت وأن تنجو من التهشم، ولكنها نزلت مع ذلك، لأن القلة لم تكن عندها فى تلك اللحظة إلا رمزا، وكانت سلامة القلة معناها البشرى بنجاتى.
अज्ञात पृष्ठ