यूनानी दर्शन की कहानी
قصة الفلسفة اليونانية
शैलियों
أن الإنسان لا يستطيع أن يعمل الخير ما لم يعلم الخير، وكل عمل صدر لا عن علم بالخير فليس خيرا ولا فضيلة، فالعمل الخير لا بد أن يكون مؤسسا على العلم ومنه ينبع. (2)
أن علم الإنسان بأن الشيء خير علما تاما يحمله حتما على عمله، ومعرفته بضرر شيء تحمله حتما على تركه، وليس إنسان يعمل الشر وهو عالم بنتائجه، فكل الشرور ناشئة عن الجهل، ولو علم المرء أين الخير لعمله حتما؛ وعلل ذلك بأن كل إنسان بطبيعته يقصد الخير لنفسه ويكره لها الشر، فمحال أن يفعل ما يضرها وهو عالم بضرره، فما يصدر عن إنسان من الخطأ إنما منشؤه الجهل بالعمل، وعلاج الشرير أن يعلم نتائج الأعمال السيئة التي تصدر عنه، ولتعويد إنسان الخير وجعله مصدرا للفضيلة يعلم نتائج الأعمال الحسنة، وتوسع في تطبيق نظريته، فعنده الإنسان الخير هو الذي يعلم ما يجب عليه، والملك الصالح هو الذي يعرف كيف يحكم الناس حكما عادلا وهكذا.
وهو محق في الاستنتاج الأول من أن أساس الفضيلة المعرفة فلا يكون الإنسان فاضلا حتى يعرف الخير ويقصد إلى عمله، أما الذي يعمل العمل لا عن علم بخيريته فليس «فاضلا» ولو كانت نتائج عمله حسنة، ومخطئ في النتيجة الثانية من أن المعرفة هي كل شيء، وأنها تستلزم العمل على وفقها لا محالة، فكثيرا ما نعلم الخير ونتجنبه ونعلم الشر ونأتيه، فمعرفة الخير ليست كافية في الحمل على فعله بل لا بد أن ينضم إليها إرادة قوية حتى يعمل على وفق ما علم، وقد قال الأستاذ «سانتهلير» ردا على هذه النظرية: «ليس ما يقع الإنسان فيه من الإثم ناشئا عن خطأ في الموازنة بين اللذة الحاضرة والآلام المستقبلة التي هي أكبر منها كما يعتقد سقراط، ولا ناشئا عن جهل بطبائع الأشياء، إنما منشؤه فساد في الخلق يحمل الإنسان على تفضيل الشر على الخير وهو عالم بهما وبقيمة كليهما جميعا، فإن الشرير لا يجهل البتة ما يفعل من سوء ... إنه يشعر تماما بخسرانه، ولكنه يسعى إلى هذا الخسران وهو آسف، إنما هزيمة عقله نفسها هي الفاعلة للخطيئة؛ لأنه إذا كان يجهل ما يفعل فليس بمجرم ولا بمسئول أمام الناس ولا أمام الله، وحينئذ بهذه المثابة لا تكون الفضيلة والعلم متماثلين، فقد يعلم الإنسان ولا يعمل، وقد يعمل ضد ما يعلم ... إذا كانت الفضيلة في الواقع هي العلم وجب على الإنسان أن يقتصر على أن يعلم ليكون فاضلا، وبذلك تتضاءل الحياة الأخلاقية إلى مجرد النظر والتأمل.»
1
ورد أرسطو على نظرية سقراط ردا مقنعا فقال: إن سقراط جهل أو تناسى أن نفس الإنسان ليست مركبة من العقل وحده، وتخيل أن كل أعمال الإنسان خاضعة لحكم العقل، ومن ثم إذا علم العقل فضل العمل، ولكنه نسي أن أكثر أعماله محكومة بالعواطف والشهوات، وإذ ذاك قد يقع في الخطأ مهما علم العقل.
ولعل خطأ سقراط في الرأي راجع إلى أنه نظر إلى الموضوع من وجهته هو، وقاس الناس على مقياسه، فقد كان سليما مما يتصف به عامة الناس من ضعف، ولم يكن لمشاعره على نفسه سلطان، ولكن عقله وحده هو الذي ملك قياده، فكان عمل الخير يعقب معرفته مباشرة كما يعقب الليل النهار؛ ولذا لم يفهم أن يكون بين الناس من يرتكب الإثم وهو يعرف الخير.
ومهما يكن من أمر هذا الخطأ في رأي سقراط، فهو لا يخلو من حق كثير، فكثير من الناس في كثير من أوقاتهم يصدر عنهم الشر؛ لأنهم لا يعتقدون اعتقادا جازما بالخير، وهم يتشدقون بأقوال لا تعدو ألسنتهم، ولا تنبعث عن قلوبهم، فنرى كثيرين يحقرون شأن الدنيا، ويقولون إن غنى النفس خير من غنى المال، فإذا ما اضطربوا في حياتهم العملية انطلقوا يلتمسون المال من مآتيه كلها، فهل من الحق أن نقول إنهم يعلمون الخير ولا يعملون به؟ أم أقرب إلى الصواب أن نقول إنهم لم يعتقدوا اعتقادا جازما ما كانوا يلوكونه من أقوال، وإن عقيدتهم في الواقع هي هذه التي تظهر في أعمالهم؟ نحسب أن هذا الوضع الثاني أدنى إلى الصواب وهو ما ظنه سقراط.
وقد نشأ عن نظرية سقراط في الأخلاق نتيجتان؛ الأولى: أن الفضيلة يمكن أن تعلم وإن كانت ليست يسيرة في تعلمها كما هو الحال في الحساب مثلا؛ لأنها تعتمد على عدة عوامل أخرى كالوراثة، وأثر البيئة، والتربية، والتجربة وغيرها.
ولكن إذا كانت المعرفة ممكنة التعلم وجب أن تكون الفضيلة كذلك، وأهم عقبة تحول دون معرفة الفضيلة هي صعوبة أن تجد معلما يعرف معناها، والنتيجة الثانية: هي أن الفضيلة واحدة وهي المعرفة، وإن شئت فسمها الحكمة، وليس غيرها من الفضائل كالشجاعة والعفة والعدل إلا مظهرا من مظاهرها وصادرة عنها.
يتضح مما سبق أن فلسفة سقراط تدور حول مركزين: نظرية المعرفة التي تحصر العلم في الإدراكات العقلية والمعاني الجزئية، ونظرية الأخلاق التي توحد بين الفضيلة والعلم، والأولى أبعد خطرا، وأعمق أثرا في مجرى تاريخ الفلسفة، فقد أحدثت انقلابا في الفلسفة أقرب إلى الثورة منه إلى التطور البطيء، فهي المعين الذي استقى منه فيما بعد أفلاطون فأرسطو، وهي الأساس الذي نشأت عليه كل المذاهب العقلية المثالية
अज्ञात पृष्ठ