وقال - وهو يضرب بالصحيفة حافة المائدة: «هل لاحظت أن وجهه لم يبد عليه أي انفعال؟ لقد بكى الجميع وانتحب الجميع واهتز الجميع من شدة الانفعال، بما في ذلك مدام تينا ديابوني زوجة ناظر المحطة نفسها، وأما هو فقد مر متقلص الفكين، ونظرته مثبتة أمامه.»
وعندما انتهى كل شيء قفل راجعا واعتزل في بيته، وكان همه الأول والوحيد إزالة آثار الحريق بأسرع ما يمكن، وأنا متأكد أنه الآن يدخن ويقرأ جرائد لندن.
وضرب فان دن فونديل المائدة في عنف من جديد بالصحيفة، فتمزق غلافها واستمر يمسك بالصحيفة آليا كما أخذها من البواب، وهو يوقع جمله بضرباتها على حافة المائدة، وسقطت عيناه على عناوينها الكبيرة.
وترك الصحيفة تفلت من يده ثم التقطها وأخذ يقرأ: «ليد في 18 سبتمبر، إن التحقيق الذي جرى حول موت المهندس و. و. سووموندان لم يسمح حتى الآن بالكشف عن السر الذي يقلق منذ ثلاثة أيام مدينتنا الهادئة، وافتراض الانتحار قد نحي جانبا، وليس هناك شك في الوقت الحاضر في أن المخترع البائس قد مات مقتولا، وباعث القتل كان السرقة فيما يبدو، الأدراج والمكتب والدواليب قد وجدت كلها مقلوبة رأسا على عقب، والأوراق في حالة فوضى بالغة، فقد عثر في المدخنة على بقايا رماد، ومن المعروف أن المهندس و. و. سووموندان يعيش منذ اثني عشر عاما معتزلا في مسقط رأسه، عاملا وحده في معمله الخاص المتواضع، مستغرقا في مشكلة العصر المثيرة، مشكلة مستخرجات البترول.
ونحن نميل إلى الربط بين نهاية هذا المواطن التعس والنهائية الغامضة التي انتهى إليها المهندس رودولف ديزل مخترع المحرك ذي الاحتراق الداخلي الذي يحمل اسمه، والذي أحدث ثورة في الصناعة الحديثة، فعلى نفس النحو في 30 سبتمبر سنة 1913 اختفى المهندس رودولف ديزل الذي كان عندئذ في عنفوان العمر، وهو يتأهب للسفر إلى لندن لكي يناقش تطبيق اختراعه الجديد الذي كان من المقدر أن يغير بناء محركات الغواصات، ونحن نستند على هذه السابقة وعلى الصراع الدائر بين شركة شل الهولندية ومجموعة روكفلر؛ لإحباط المحاولات التي يقوم بها الدكتور فردريك برجويس مكتشف الوقود الصناعي، ولما كانت تلك المجموعات قد انتهت باحتكار شركة بيرجينا الدولية لإنتاج البترول الصناعي، وبذلك أصبحت تحتكر في الوقت الحاضر تنفيذ براءات الاختراع، فإننا نعتقد أنه من الممكن الادعاء بأن المجرم القاتل كان يعمل لحساب أحد هاتين المجموعتين القويتين، فمثل هذا المنافس الخطر كان لا بد من إزالته بأي ثمن وبكافة الطرق.
وجريمة القتل تعتبر من هذه الناحية من أسهل الوسائل في عصر يمكن فيه أن تعد من شيكاغو خطة محكمة لقتل إنسان مقابل خمسمائة دولار، وبذلك تفقد مدينتنا ابنا نبيلا، بل أكثر من ذلك؛ تفتقد الإنسانية رجلا نافعا.»
وإن فان دن فوندل وهو يقدم الصحيفة إلى سباستيان لودوس ويقول: «اقرأ إذن ... المستقبل ... البترول!»
ثم تذكر أن المهندس الروماني لا يستطيع أن يفهم المقال المكتوب بالهولندية فطوى الصحيفة ونهض كما نهض بدوره سباستيان لودوس.
ونظرا من خلال النافذة، ثم اقتربا مجذوبين بما يجري في الخارج.
وعند الباب كان أليكو توادير بريكوب مشتبكا مع أحد الحراس.
अज्ञात पृष्ठ